استطلاعات رأي: غالبية الناخبين في الولايات المتحدة يرَِون أنّ “الديموقراطية مهدّدة”

خلصت بيانات لاستطلاعات لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية، الثلاثاء، من “إديسون ريسيرش” إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الناخبين قالوا إنّ الديموقراطية الأميركية مهدّدة.

 

تعكس هذه النتيجة قلقاً عميقاً تواجهه البلاد بعد حملة مثيرة بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب.

 

وتشير البيانات إلى أنّ الديومقراطية والاقتصاد من أهم القضايا بالنسبة للناخبين، إذ أشار نحو ثلث المشاركين إلى كل منهما، يليهما الإجهاض والهجرة بنسبة 14 في المئة و11 في المئة على الترتيب.

 

وأظهر الاستطلاع أنّ 73 في المئة من الناخبين يعتقدون أن الديمقراطية في خطر، مقابل 25 في المئة فقط قالوا إنّها آمنة.

 

تعكس هذه الأرقام جزءاً بسيطاً من عشرات الملايين من الأشخاص الذين صوّتوا، سواء قبل يوم الانتخابات أو اليوم، كما أن النتائج الأولية قد تتغيّر خلال الليل مع استطلاع آراء المزيد من الأشخاص.

 

وينظر 44 في المئة من الناخبين إلى ترامب بشكل إيجابي، مقارنة مع 46 في المئة في استطلاعات مشابهة أجريت في 2020 عندما خسر أمام الرئيس الحالي جو بايدن.

 

وينظر 48 في المئة من المشاركين إلى هاريس بإيجابية، مقارنة مع 52 في المئة لبايدن في 2020.

 

كانت هاريس تعتمد على إقبال كبير من قبل الناخبات للتعويض عن ضعف تأييدها بين الرجال. وتظهر استطلاعات الرأي بعد التصويت أنّ النساء شكّلنَ 53 في المئة من الناخبين، دون تغيير إلى حد كبير عن 52 في المئة في استطلاعات الرأي بعد التصويت في 2020.

 

شهد السباق نحو البيت الأبيض أحداثاً غير مسبوقة، إذ تعرّض ترامب لمحاولتَي اغتيال، وانسحب الرئيس جو بايدن فجأة لتدخل نائبته هاريس المنافسة لكن يصعب التكهن بنتيجته حتى بعد إنفاق مليارات الدولارات خلال شهور من الحملات الانتخابية المحمومة.

 

وأدلى ترامب بصوته قُرب منزله في بالم بيتش بولاية فلوريدا، وسبق أن زعم دون دليل فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2020 أمام بايدن، وهاجم مؤيدوه مبنى الكونغرس (الكابيتول) في السادس من كانون الثاني (يناير) 2021.

 

وقال ترامب للصحافيين: “إذا خسرت الانتخابات، وإذا كانت انتخابات عادلة، فسأكون أول المعترفين بخسارتي”، من دون الخوض في التفاصيل.

 

ووردت أنباء عن وجود أعطال تقنية في عملية إحصاء الأصوات بمقاطعة كامبريا بولاية بنسلفانيا، ووافقت محكمة محلية على طلب من مسؤولين انتخابيين بتمديد ساعات التصويت لساعتين مساء اليوم. وأخلت السلطات مركزي اقتراع بمقاطعة فولتون في ولاية جورجيا لفترة وجيزة بعد تهديدات زائفة بوجود قنابل.

 

وصوتت ناكيتا هوج (50 عاما) في ديربورن بولاية ميشيغن لصالح هاريس وحذت ابنتها الطالبة الجامعية نيماه هوج (18 عاما) حذوها.

 

وقالت نيماه إنّها تتعاطى أقراصاً لتنظيم النسل من أجل تنظيم دورتها الشهرية، بينما استدعت والدتها ذكريات الاحتياج إلى الخضوع لجراحة بعد حالة إجهاض في عشريناتها، وتخشى الامرأتان جهود المشرعين الجمهوريين لتقييد الرعاية الصحية للنساء.

 

وقالت ناكيتا: “بالنسبة لابنتي التي ستواجه العالم وستشق طريقها، أريدها أن تملك ذلك الاختيار”. وأضافت انّه “ينبغي لها أن تستطيع اتخاذ قراراتها الخاصة”.

 

وفي إحدى المكتبات بمدينة فينيكس بولاية أريزونا، وصلت فيليشيا نافاهو (34 عاماً) وزوجها جيسي ميراندا (52 عامًا) مع أحد أبنائهما الثلاثة الصغار للتصويت لترامب.

 

وهاجر ميراندا، الذي يعمل سباكا، إلى الولايات المتحدة من المكسيك حينما كان عمره أربعة أعوام، وقال إنه يعتقد أنّ ترامب سيقوم بعمل أفضل في مكافحة التضخم والسيطرة على الهجرة.

 

وأضاف: “أريد رؤية أشخاص جيدين يأتون إلى هذه البلدة، أشخاص يرغبون في العمل، أشخاص يرغبون في أن يعيشوا الحلم الأميركي”.

 

وألمحت حملة ترامب إلى أنه قد يعلن النصر بنهاية يوم الانتخابات حتى رغم عدم إكمال فرز ملايين الأصوات مثلما فعل قبل أربعة أعوام. وقال الرئيس السابق مراراً إنّ أي هزيمة يُمنى بها لن تحدث إلّا نتيجة تزوير واسع مكرراً بذلك ادعاءات كاذبة أطلقها في 2020.

 

والنتائج النهائية التي تحسم الفائز لن تعلن قبل أيام إذا جاء الفارق بين الأصوات ضئيلاً في ولايات محورية كما هو متوقع.

 

وبغض النظر عمن سيفوز في السباق إلى البيت الأبيض فسيكون الحدث تاريخيّاً.

 

فهاريس (60 عاماً)، أول امرأة تشغل منصب نائب الرئيس، ستصبح إذا فازت أول امرأة وأول أميركية ملوّنة تنحدر أصولها من جنوب آسيا وجامايكا تصل إلى كرسي الرئاسة.

 

أما ترامب البالغ من العمر 78 عاماً، فولايته الرئاسية السابقة شهدت أول مساءلة مرتين لرئيس في المنصب، كما أنه أول رئيس سابق يدان بتهمة جنائية، وإن فاز فقد يصبح أول رئيس يفوز بولايتين غير متعاقبتين في أكثر من 100 عام.

 

وأظهرت استطلاعات الرأي في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية تقارب المرشحين بشدة في سبع ولايات متأرجحة ستحدد في الأغلب الفائز وهي أريزونا وجورجيا وميشيغن ونيفادا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وويسكونسن.

 

وفي استطلاع أجرته “رويترز/إبسوس”، ظهرت فجوة كبيرة في مواقف الجنسين من المرشحين، إذ جاءت هاريس في الصدارة بين النساء بنحو 12 نقطة مئوية وتفوق ترامب بين الرجال بسبع نقاط مئوية.

 

يعكس هذا التنافس المحتدم استقطاباً حادّاً في الولايات المتحدة ازداد ضراوة خلال الحملة الانتخابية، فاستخدم ترامب لهجة نارية تميل للتهويل، بينما حذرت هاريس من أن حصول ترامب على ولاية ثانية سيقوّض أسس الديمقراطية الأميركية.

 

وثمة معركة أخرى لا تقل أهمية، إذ سيصوت ملايين الأمريكيين في معركة شرسة، لكن الطريق ممهّد أمام الجمهوريين أكثر في مجلس الشيوخ حيث يدافع الديموقراطيون عن عدة مقاعد في ولايات تميل عادة لتأييد الجمهوريين بينما يبدو التنافس متقارباً للغاية في مجلس النواب.

 

* لهجة نارية

 

خلال حملته الانتخابية، أمطر ترامب أوّلاً بايدن بسيل من الانتقادات ثم وجه سهامه إلى هاريس بسبب طريقة تعاملهما مع الاقتصاد، الذي تظهر استطلاعات الرأي أنه على رأس اهتمامات الناخبين رغم انخفاض معدلات البطالة وتباطؤ التضخم.

 

ويبدو أنّ أسلوبه الجامح كان يهدف إلى إشعال حماسة مؤيديه بدلا من تعزيز شعبيته. ففي فترة رئاسته من 2016 حتى 2020، هاجم ترامب المهاجرين الذي عبروا الحدود بشكل غير قانوني، متهما إياهم دون دليل بالوقوف وراء موجة من الجرائم الخطيرة كما تعهّد باستخدام الحكومة لمقاضاة خصومه السياسيين.

 

وأشارت استطلاعات الرأي إلى أنه حقق بعض المكاسب بين الناخبين السود واللاتينيين على الرغم من ترشح هاريس وما يمثله من خطوة تاريخية. وحذّر ترامب مراراً من أنّ المهاجرين يسلبون فرص العمل من هؤلاء الناخبين.

 

في المقابل، حاولت هاريس تشكيل تحالف واسع، لكن يصعب جمعه، من الديموقراطيين الليبراليين والمستقلين والجمهوريين المعتدلين الساخطين، ووصفت ترامب بأنه خطير جدّاً بصورة لا تجعله الأنسب لتولي رئاسة الولايات المتحدة.

 

وتركّزت حملتها الانتخابية على حماية الحقوق الإنجابية، وهي قضية أثارت غضب النساء منذ ألغت المحكمة العليا الأميركية الحق في الإجهاض في عام 2022.

  

وتواجه هاريس غضباً من العديد من الناخبين المؤيدين للفلسطينيين بسبب الدعم العسكري والمالي الذي قدمته إدارة بايدن لإسرائيل في حربها على غزة. ورغم أنها لم تعبر صراحة عن رغبتها في إحداث تغيير في السياسة الأميركية، فقد قالت إنها ستفعل كل ما يلزم لإنهاء الصراع.

 

وبعد انسحاب بايدن (81 عاماً) بسبب مخاوف تتعلّق بتقدمه في العمر، سعت هاريس إلى قلب الطاولة على ترامب، مشيرة إلى أحاديثه المشتتة في التجمعات الانتخابية كدليل على عدم لياقته.

 

واعتمدت حملتها على استخدام الصور الفكاهية (الميمز) والاستعانة ببعض المشاهير، ممّا زاد من شعبيتها بين الناخبين الشبان الذين يعتبرون كتلة تصويتية حاسمة.

 

وتصدّى ترامب لداعمي هاريس من أمثال المغنيتين تيلور سويفت وبيونسيه بأغنى رجل في العالم، وهو إيلون ماسك الذي لعب دورا متزايدا كمؤيد ومتبرع رئيسي لحملة ترامب.

 

ويأتي تصويت اليوم الثلاثاء بعد أحد أكثر الشهور اضطرابا في السياسة الأمريكية الحديثة.

 

ففي أيار (مايو)، أدانت هيئة محلفين في نيويورك ترامب بتهمة تزوير سجلات تجارية لإخفاء مدفوعات نقدية استخدمت لإسكات نجمة أفلام إباحية. وبعد أربعة أسابيع، التقى ترامب وبايدن في مناظرة قدم فيها بايدن أداءً كارثيّاً، مما عزز مخاوف الناخبين بشأن قدراته الذهنية.

 

وفي تموز (يوليو)، نجا ترامب بأعجوبة من محاولة اغتيال برصاصة قاتلة في تجمع في بنسلفانيا قبل المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. وبعد أسبوع واحد فقط، انسحب بايدن من السباق الرئاسي رضوخاً لضغوط من زعماء الحزب الديموقراطي.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal