تخبط وتناقض في المواقف.. الميدان يضغط على إسرائيل!.. غسان ريفي

ثمة تناقض واضح في التصريحات الاسرائيلية حول العدوان على لبنان في يومه الـ33..

بالرغم من الأهداف التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لجهة “إحتلال جزء من الشريط الحدودي وإجبار حزب الله على التراجع الى ما بعد شمال الليطاني، وعودة المستوطنين الى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة بأمان”، يبدو أن في إسرائيل من يسعى الى إنهاء الحرب من خلال تخفيض سقف هذه الأهداف، تارة بحجة القضاء على الهيكلية العسكرية للمقاومة، وتارة أخرى بالحديث عن التسويات المؤلمة، وطورا بإعطاء مهلة أسبوعين لضمان إنهاء تهديد حزب الله للمستوطنات، في الوقت الذي لم يحقق فيه الجيش الاسرائيلي أي تقدم يذكر على صعيد الميدان الجنوبي.

بالتزامن يؤكد نتيناهو أن “إسرائيل تخوض حربا وجودية”، بهدف تشريع إستمرار الحرب التي لم تحقق أهدافها أولا في غزة على صعيد إنهاء حماس وإستعادة الأسرى الاسرائيليين، وثانيا في لبنان، ما دفع عددا من أهالي الأسرى الى مقاطعته خلال إلقاء كلمته واصفين سياساته بالفاشلة، ومتهمين إياه بأنه تسبب في قتل أبنائهم، ومطالبين برحيله، الأمر الذي دفع وزير الحرب يوآف غالانت الى القول في معرض إنتقاده نتنياهو أيضا، أن “إسرائيل تخوض حربا من دون بوصلة”، فيما بدأت بعد الأصوات تطالب بضرورة مناقشة “الأثمان الكبرى التي تدفعها إسرائيل بسبب حرب من دون تحقيق أهداف”.

في غضون ذلك، بدأت المعلومات تشير الى أزمة داخلية بين نتنياهو والجيش الاسرائيلي الذي ترى قيادته أنه أنهك بحرب مستمرة منذ 13 شهرا، وأنه يتعرض لعملية إستنزاف قد يؤدي الى إنهياره في حال إستمرت، فضلا عن نجاح المقاومة بإلحاق الخسائر الكبرى به، لجهة قتل وإصابة عدد كبير من الضباط والجنود والآليات بشكل يومي.

كل هذا التخبط الاسرائيلي، سببه صمود المقاومة في لبنان وإعتمادها إستراتيجية إنزال أكبر قدر من الخسائر في الجيش الاسرائيلي، ومنعه من تحقيق أهدافه، فضلا عن التعامل مع الاسرائيلي بالمثل لجهة إصدار بيانات تهديد الى سكان 25 مستوطنة بضرورة إخلائها ما سيضاعف من عدد النازحين الذين سيشكلون مزيدا من الأعباء على نتنياهو الذي فاجأ الجميع أمس بطلب صرف مبلغ نصف مليون دولار لتأمين الحماية لمنزله في قيساريا والذي أوصلت المقاومة الاسلامية في لبنان مسيرة إنقضاضية الى نافذة غرفة نومه وأجبرته على النزوح منه.

في ظل هذا الواقع تتكثف الاتصالات الدبلوماسية، حيث يلتقي اليوم في تل أبيب المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين مع نتنياهو للبحث في إمكانية وقف إطلاق النار، سواء من خلال الورقة الفرنسية الأميركية التي سبق وتحدثت عن هدنة 21 يوما، يصار خلالها الى البحث عن آليات تنفيذ القرار 1701، أو بناء لإتفاق جديد يمكن أن يوصل الى النتيجة نفسها، علما أن هوكشتاين غادر لبنان بعدما سمع كلاما حاسما وحازما من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بأن تنفيذ القرار 1701 لا يمكن أن يكون إلا وفقا للرؤية اللبنانية، وقد حرص الرئيس ميقاتي على تكريس ذلك في مؤتمر باريس.

لا شك في أن لبنان ينتظر الجواب الذي سيحمله هوكشتاين من إسرائيل، فإذا كان إيجابا، فإن وقف إطلاق النار قد يبصر النور قبل الانتخابات الأميركية، وإذا كان سلبا، فإن الأمور ستحتاج الى مزيد من الوقت، حيث سيتولى الميدان بحسب موازين القوى الضغط أكثر فأكثر على إسرائيل، تماما كما حصل في العام 2006 عندما نفذت المقاومة مجزرة الميركافا التي دفعت العدو الى تخفيض سقف شروطه والرضوخ للقرار 1701، فهل يعيد التاريخ نفسه، خصوصا أن الاسرائيلي لا يتعلم من التجارب، وهو دائما ما يرفع السقوف ثم يعود الى ما دون هذه السقوف.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal