عندما يكون المجتمع بديلاً عن الوزارات المعنية.. أزمة النّازحين مثالاً!.. عبدالكافي الصمد

مثيراً للإستغراب والشّفقة والنقمة كان الكلام الذي أطلقه يوم أمس وزير الشّؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار، عندما تطرّق فيه إلى أزمة النّازحين من المناطق التي تتعرّض لاعتداءات إسرائيلية، إذ بدا وكأنّه آخر من له علاقة بأزمة نزوح أكثر من 1.2 مليون مواطن لبناني من بيوتهم جرّاء الإعتداءات، برغم أنّ وزارته إلى جانب هيئات رسمية أخرى يفترض أن تكون المعني الأوّل والرئيسي بهذه الأزمة.

إذ في حين تشير الأرقام الرسمية إلى أنّ أقلّ من 200 ألف نازح يقيمون في 874 مركز إيواء منتشرين في مناطق لبنانية أخرى تُعدّ آمنة، خصوصاً في بيروت وبعض أقضية جبل لبنان وفي محافظتي الشّمال وعكّار، فإنّ البقية الباقية من النّازحين، وهي أكثر من مليون شخص، يقيمون في منازل لجأوا إليها، وأنّ هؤلاء النّازحين قدموا من مناطق في الجنوب والبقاع وبيروت والضاحية الجنوبية حيث يمارس العدو الإسرائيلي في هذه المناطق سياسة الأرض المحروقة من قتل وتدمير وتهجير.

ومع أنّ النّازحين المقيمين في مراكز الإيواء، وهي مدارس وثانويات ومعاهد فنّية رسمية، لا يزيدون على 17 % من العدد الإجمالي للنّازحين، فإنّ الوزير حجّار شكا من أنّ “الأعداد الهائلة من النّازحين تفوق الإمكانات المتاحة”، محذّراً من أنّ “عدم توافر التمويل سيؤدي إلى تبعات سلبية خطيرة، خاصة في ما يتعلق بالأمن الغذائي”، ولافتاً إلى أنّ “المساعدات المالية لا تزال محدودة ولم تتجاوز الـ50 مليون دولاراً، وهي مساعدات مشروطة، بينما تحتاج الحكومة إلى 425 مليون دولاراً”.

نقاط عدة بما يتعلق بكلام الوزير حجّار يجدر التوقف عندها، من أبرزها ما يلي:

أولاً: أين كانت وزارة الشؤون الإجتماعية وبقية الوزارات وأجهزة الدولة المعنية طيلة أكثر من سنة منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ولماذا لم تتخذ أيّ إجراءات وتدابير مسبقة، والبلد يعيش أجواء حرب، مع أنّه كان لديها وقتاً كافياً لذلك؟

ثانياً: قام المجتمع المحلي في المناطق التي استضافت النازحين بفتح أبواب بيوتهم على مصراعيها أمامهم، ما يفوق بخمسة أضعاف من قامت الدولة بإيوائهم (وسط غياب فاضح وغريب لمنظمات وهيئات الإغاثة الدولية التي اختفت عن المشهد كليّا)، فلمّا يؤدي المجتمع المحلي دوراً مضاعفاً على دور الوزارات المعنية ما هو دورها إذاً؟

ثالثاً: بلغ عدد النّازحين، وفق أرقام رسمية، إلى سوريا والعراق أكثر من عدد النّازحين الذين تقوم دولتهم بإيوائهم، ما يشير إلى عجز رسمي فاضح، زاد منه أنّ المقيمين في مراكز الإيواء يعانون نقصاً كبيراً في الحاجيات الضرورية يقوم المجتمع المحلي بسدّه، فضلاً عن أنّ أغلب هذه المراكز غير مؤهّلة لتكون أماكن سكنية.

رابعاً: يتحدث الوزير حجّار عن أنّ المساعدات التي أتت من الخارج بلغت 50 مليون دولاراً فقط، بينما تحتاج الحكومة إلى 425 مليون دولاراً، ما أثار تساؤلات عدّة حول حقيقة هذه الأرقام لأنّ دولة الإمارات أعلنت لوحدها تقديم 100 مليون دولاراً من أجل مساعدة النّازحين، ما دفع ناشطين إلى التقدم بإخبار إلى النيابة العامّة المالية يطلبون فيه التحقّق من “حرمان النازحين من المساعدات التي بدأت بالوصول إلى لبنان منذ أكثر من أسبوعين، دون أن يتم توزيعها على مستحقيها”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal