ليس من فراغ حذّر الرئيس السّابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط من أن “وضع المنطقة في غاية الخطورة، وهذه الحرب التي بدأها الإسرائيلي في لبنان يمكنها أن تستمر لسنة أو سنتين”.
لم يكن كلام “بيك المختارة” التحذيري هو الأوّل من نوعه الذي يطلقه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان قبل نحو سنة، فقد دأب منذ ذلك الحين على إطلاق التحذيرات في كلّ مناسبة، منبّهاً من أنّ العدوان الإسرائيلي لن يتوقف عند حدود معينة، بسبب طبيعته العدوانية، وبأنّ المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً في التصعيد سيشمل المنطقة كلها، وليس لبنان ودولة الكيان الإسرائيلي وحدهما.
إستشعار الزعيم الدرزي عبر “أنتيناته” أنّ الحرب لن تكون قصيرة كان قد بدأ إلتقاطها منذ الأيّام الأولى للعدوان الإسرائيلي، ما جعله يتخذ مواقف حاسمة من العدوان بإعلانه الوقوف إلى جانب حزب الله والمقاومة في لبنان بمواجهة العدوان، ودعوته أبناء الجبل إلى فتح أبواب منازلهم أمام الوافدين من المناطق التي تتعرض للعدوان، قاطعاً بذلك الطريق أمام بعض الأصوات في الجبل المختلفة أو المعارضة لمواقفه، وصولاً إلى حدّ دعوته من يعارض مواقفه من داخل الحزب الإشتراكي إلى الإستقالة إذا احتجّ على هذه المواقف المستجدة لجنبلاط.
لكنّ توقّع جنبلاط أن تكون هذه الحرب العدوانية طويلة ليس الأوّل الذي استشعر بها، وإنْ كان كذلك بين فرقاء وأركان الطبقة السياسية، ذلك أنّ محلّلين ومراقبين ومطلعين لم يتفاءلوا بانتهاء هذه الحرب قريباً، لا بل إنّ بعضهم ذهب إلى أنّ الحرب ستمتد إلى سنوات عدّة، أكثر من سنة أو سنتين كما توقع جنبلاط، في ضوء التطورات المتصاعدة والمتوترة في الحرب، والتي كان آخرها إغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 27 أيلول الماضي.
أبرز الإشارات على أنّ هذه الحرب ستكون طويلة هي أنّ الدعوات إلى إنهائها ليست إلّا قنابل دخانية، وليست جدّيّة، وهي تخفي وراءها خططاً عدوانية يجري العمل على تنفيذها من قبل جيش الكيان الإسرائيلي وحلفائه، ذلك أنّ تسويات عدّة جرى التوصّل إليها منذ بدء العدوان من قبل دول أعضاء في مجلس الأمن وخارجه لم ترَ النّور، وبقيت مجرد أفكار وحبر على ورق.
فالعدوان الإسرائيلي على لبنان وقطاع غزّة معاً يحظى بغطاء أميركي وغربي، ما يجعل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يُصرّ على مواصلة القتال، لأنّ مشروعه ومشروع بلاده الأساسي هو العدوان، وتوسيع رقعة الحرب، من أجل تحقيق هدف يرمي إلى تحقيقه هو والولايات المتحدة والغرب ألا وهو تغيير خريطة لبنان والشّرق الأوسط، وتغيير التوازنات.
ما يدلّ على ذلك التبريرات الدائمة التي تُعطى لإسرائيل عقب كلّ اعتداء تقوم به، ووصفه بأنّه دفاع عن الذّات. آخر هذه التبريرات التي تدل بوضوح بأنّ الحرب طويلة ما أدلت به وزارة الخارجية الأميريكة أمس من أنّها توافق “على استمرار إسرائيل في استهداف حزب الله لإزاحته عن الحدود الشّمالية”.
Related Posts