هوّة كبيرة بين الكلام الاسرائيلي وتطورات الميدان!.. غسان ريفي

بعد أيام على إنطلاق العدوان الاسرائيلي الموسع على لبنان والذي تم التحضير له بمجزرتي أجهزة “البايجر والأجهزة اللاسلكية” للاستفادة من الارتباك الذي يمكن أن يصيب المقاومة وبيئتها، بدأت وقائع الميدان تفرض نفسها بين عدوان همجي صهيوني يطال المناطق الآمنة والمدنيين، وبين ردود مركّزة ودقيقة للمقاومة تستهدف المراكز والقواعد والمطارات والتجمعات العسكرية وتلحق بها أضرارا جسيمة لم يعتدها العدو الصهيوني من قبل.

وضع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وضع هدفا غبيا لحربه على لبنان وهو إعادة المستوطنين النازحين الى منطقة شمال فلسطين بأمان، وتغيير الواقع العسكري على الحدود مع جنوب لبنان.

يدرك نتنياهو الذي يفتش عن الحرب من أجل الحرب التي تطيل أمد حياته السياسية وتخوله ضرب معارضيه في الداخل، أن هذا الهدف بعيد المنال، وتزداد إستحالته مع تنامي الهجمات التي تشنها المقاتلات الصهيونية على المناطق اللبنانية وردود المقاومة عليها، حيث بات عليه أن يعطي إقامة دائمة لنازحي الشمال حيث هم، وأن يستعد لاستقبال عشرات آلاف النازحين من مناطق أخرى طالتها صواريخ المقاومة لا سيما في صفد ويافا وحيفا التي ناشد رئيس بلديتها المستوطنين بعدم مغادرتها لكن مناشدته لم تلق آذانا صاغية بسبب الخوف والهلع الذي تسببه المقاومة.

تؤكد تطورات الميدان فقدان ثقة الاسرائيليين بحكومتهم وقيادتهم العسكرية والأمنية التي فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة، وهم يدركون أن الحرب على لبنان لن تسفر عن أي نتيجة إيجابية خصوصا أن هوّة سحيقة باتت واضحة بين ما تعلنه القيادة الاسرائيلية حول القضاء على خمسين بالمئة من قدرات المقاومة وبين الواقع الذي يعيشه الاسرائيليون في مستوطناتهم التي شهدت يوم أمس سقوط أربعمئة صاروخ أطلقها المقاومون وأصابت الكثير من الأهداف العسكرية من قواعد ومطارات وتجمعات وألحقت بها أضرارا جسيمة تحرص القيادة الاسرائيلية على التعتيم الاعلامي الكامل عليها، باستثناء ما يتسرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويدرك الاسرائيليون أن تغيير واقع المنطقة الشمالية يحتاج الى إجتياح بري للجنوب اللبناني تعجز إسرائيل عن القيام به نظرا لجهوزية المقاومة التي تنتظر قرارا من هذا النوع لتصبح المواجهة من المسافة صفر ما سيكبد العدو خسائر بشرية لا قدرة له على تحملها أو مواجهة تداعياتها في الداخل الاسرائيلي.

ولا شك في أن المقاومة تتعاطى مع العدو بكثير من التكتيك الذكي والتدريجي، فهي بالرغم من الاعتداءات الاسرائيلية الأفقية وإستهداف المدنيين لم تكشف الا عن النذر اليسير من قدراتها، حيث تعمل على إدخال أنواع جديدة من الصواريخ لا سيما فادي ١ و٢ و٣ والتي أثبتت جدواها، كما تُدخل في خريطة إستهدافاتها وبشكل يومي مستوطنات وقواعد عسكرية جديدة وتزيد من قوتها الصاروخية التي تفشل الدفاعات الاسرائيلية في التصدي لمعظمها.

لذلك، فإن تصريحات مستجدة بدأت تصدر عن القيادة الاسرائيلية بالحديث عن التسويات المقبلة، قناعة منها بأن حربها على لبنان ستكون من دون أفق ومن دون أهداف وستضاعف من الاستنزاف، خصوصا أن المقاومة لم تردّ حتى الآن بالمثل على صعيد استهداف الأبنية والمدنيين وهي قادرة على ذلك وقد وضعت كل الاحتمالات على طاولة البحث، وما يؤكد ذلك، هو التناقض في التصريحات الاسرائيلية حيث تؤكد تارة القضاء على القدرات الصاروخية للمقاومة، ثم تعلن أنه بالرغم من إضعافها إلا أنها لا تستبعد أن تطلق باتجاه إسرائيل كل أنواع الصواريخ من ضمن قدرة المئة ألف صاروخ التي تمتلكها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal