ما بعد كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس ليس كما قبلها، حيث أعادت المواقف التي أطلقها التوازن الذي حاولت إسرائيل كسره من خلال مجزرة الأجهزة اللاسلكية على مدار يومين.
فعلياً، أنهى السيد نصرالله مفاعيل الضربة الاسرائيلية التي هدفت الى إرباك المقاومة بضرب بنيتها وإحباط بيئتها وصولا الى إضعافها، فكان كلامه واضحا وصريحا، “المقاومة وبنيتها وبيئتها بخير، ومن أصيب في مجزرة الأجهزة سيعود الى الجبهة لاستكمال المواجهة والثأر”.
وقد ترجم الميدان قول نصرالله، حيث شنت المقاومة أمس أكثر من ١٦ عملية إستهدفت فيها ضباطا وتجمعات جنود ومراكز عسكرية ومرابض مدفعية إضافة الى قصف مواقع في الجليل الأعلى والجولان والمطلة التي إنقطع التيار الكهربائي فيها، وقال رئيس المستوطنة “إن هناك حرائق ودمار لم أشاهد مثيلا لهم”.
هذا التصعيد من قبل المقاومة جاء ليؤكد للاسرائيلي أن ما قام به قد يكون قاسيا جدا وغير مسبوق في منطق الحروب، لكنه فشل في تحقيق المراد منه، فجبهة الاسناد باقية وهي بكامل جهوزيتها وذاهبة بإتجاه المزيد من التصعيد ردا على التصعيد الصهيوني، وليس ردا على مجزرة الأجهزة اللاسلكية التي سيكون لها عقابا خاصا سريا مجهول الكيفية والزمان والمكان لكنه يتناسب مع حجم الحدث وموجع جدا.
جدد نصرالله في كلمته التأكيد على الثوابت لجهة ربط جبهة غزة بجبهة الاسناد، وأن لا هدوء ولا وقف لإطلاق النار ولا تفاوض ولا إعادة للمستوطنين بأمان الى منطقة الشمال اذا لم تتوقف حرب الابادة في غزة مهما كانت النتائج والتضحيات.
أجبر السيد نصرالله العدو على إعادة حساباته فيما كان يعتبره تهديدا كبيرا للبنان بالاعلان عن نقل الثقل العسكري الى جبهة الشمال لتغيير واقع الحال في هذه الجبهة، وهو فاجأ الاسرائيلي بأن المقاومة تنتظر هذا الانتقال بفارغ صبر و”بدل أن تفتش عن الجندي والدبابة بالفتيل والسراج تستطيع أن تضرب الجنود والدبابات بشكل مباشر، ولعل ما قامت به المقاومة بضرب طلائع الجيش المنتقلة الى الشمال وإيقاع العديد من الاصابات بصفوفهم كان كفيلا للتأكيد أن نتنياهو وغالانت اللذين فوضهما المجلس العسكري للتعامل بالشكل المناسب مع الحزب والجبهة هما أضعف من أن يقوما بأي عمل عسكري من هذا النوع، خصوصا أن الثقل العسكري المنتقل الى جبهة الشمال يحتاج الى إعادة تأهيل بعد الانهاك والفشل اللذين واجههما في غزة، ما سيجعل الجيش لقمة سائغة لدى المقاومين الذين نفذوا أولى العمليات الناجحة بعد المجزرة. بالأمس، رفع نصرالله الحواجز أمام أي إحباط كان يمكن أن يتسلل الى المقاومة وبيئتها، وأعاد الرعب الى إسرائيل التي بدأت منذ إنتهاء الكلمة تعد العدة لإتخاذ الاجراءات والاحتياطات لمواجهة الرد الذي كلما إزداد غموضا كلما إزداد تأثيره على المستوطنين القابعين في الملاجئ، لكنه حتما آت ليشفي الله به صدور المستهدفين بالأجهزة اللاسلكية.
Related Posts