بعد مرور نحو شهرين على الانتخابات التشريعية الفرنسية التي افرزت واقعاً سياسيا معقداً بعدم حصول اي من الاطراف الرئيسيين على غالبية صريحة في الجمعية الوطنية، كلف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ميشال بارنييه تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة غابريال اتال المستقيلة تحت عنوان “حكومة جامعة في خدمة البلاد”.
تكليف بارنييه جاء بعد مشاورات مكوكية ومضنية ادت الى اسقاط العديد من الاسماء لاسباب متنوعة وابقت عليه بعد توافر مقومات تسمح بعدم اسقاطه وعرقلته ابرزها قبول حزب “الجمهوريون” اليميني المعتدل الانخراط في الحكومة الجديدة، موافقة زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبين على عدم طرح الثقة بالحكومة من قبل حزبها ما يسمح للحكومة التي سيتم تشكيلها بان تتخطى اصوات جبهة اليسار واليمين المتطرف التي ستسعى لاسقاطها واخيرا وليس اخرا اختيار شخصية معتدلة بامكانها التفاهم مع المجموعات النيابية الثلاث التي افرزتها الانتخابات والتي يصعب التفاهم فيما بينها حيث انه خلافاً للتوقعات حل حزب التجمع الوطني من اليمين المتطرف ثالثاً بـ ١٤٣ نائباً فيما حازت الكتلة الوطنية او تحالف ماكرون على ١٦٦ نائباً ليتصدر اليسار المشهد الانتخابي بـ ١٩٣ نائباً متوقعاً بأن يتم تكليف احد رموزه تشكيل الحكومة الجديدة غير ان رياح اختيار ماكرون اجتاحت سفنه ما دفع احد اقطابه الى الاعلان ان تكليف بارنييه يعني ان الانتخابات سرقت من الفرنسيين.
بارنييه الاتي من جبال الالب وابن المدرسة الديغولية يشتهر بأنه يدوّر الزوايا وبانه مفاوض بارع من الطراز الاول وبالتالي لن يصعب عليه تشكيل حكومة في ادق مرحلة تمر بها فرنسا هو الذي قاد مهمة التفاوض المعقدة مع الجانب البريطاني للاتفاق على شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الاوروبي الا ان مهمته لن تكون سهلة في ظل ازمة سياسية حادة تمر بها البلاد فهل سيتمكن من عبور المطبات وتشكيل حكومة تحقق الاستقرار وتدير البلاد في وضع بالغ الصعوبة؟.
يقول بارنييه في اول حديث له بعد تكليفه انه يريد ايجاد حلول لتحديات وغضب ومعاناة الفرنسيين وان الاهم قول الحقيقة من دون مواربة فهل سيتمكن من تمرير موازنة ٢٠٢٥ وماذا عن الاصلاحات التي تحتاج لموافقة الاكثرية البرلمانية؟.
ثمة من يؤكد ان بارنييه رغم غضب اليسار من تكليفه الا انه لا يشكل استفزازاً له كما لديه شعبيته من اليمين في البرلمان وان ماكرون يسعى من خلال اختياره الى ضمان أغلبية كافية في البرلمان لتمرير الاصلاحات المرتقبة.
Related Posts