مفوضية اللاجئين ترفض تسليم “الداتا”.. دولة داخل الدولة؟!.. عبدالكافي الصمد

برغم إعطائها مهلاً زمنية تتراوح بين أسبوع وشهر، وبرغم التلويح باتخاذ إجراءات وتدابير بحقّها، وبرغم إتهامات عديدة وُجّهت إليها من مختلف القوى السّياسية في لبنان بأنّها تعمل على إبقاء النّازحين السّوريين في لبنان وعدم التعاون بهدف تسهيل عودتهم إلى بلادهم، فإنّ المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ما تزال ترفض، حتى الآن، برغم طلبات عدّة وُجهت إليها من الجهات الرسمية، تسليم السلطات اللبنانية “داتا” المعلومات الخاصة بها العائدة لهؤلاء النازحين، والتي تحتفظ بها المفوضية في مكاتبها وسط سرّية تامّة.

آخر هذه الشكاوى ـ الإتهامات جاءت على لسان وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الذي أشار أوّل من أمس في مقابلة تلفزيونية إلى أنّ المفوّضيّة العليا لشؤون اللاجئين السوريين “ترفض خروج السّوريين من لبنان، ولا تتجاوب مع الحكومة اللبنانية إنْ كان في تسليم قاعدة البيانات أو الداتا وغيرها من الأمور”.

تصريح مولوي المقتضب يتضمن ثلاثة إتهامات مباشرة للمفوضية: الأوّل أنّها ترفض خروج النّازحين السّوريين من لبنان وإعادتهم إلى بلادهم؛ والإتهام الثاني مُكمّل للإتهام الأوّل وهو أنّ المفوضية لا تتجاوب مع دعوات وطلبات الحكومة اللبنانية تسليم “داتا” المعلومات لديها بخصوص هؤلاء النازحين؛ أمّا الإتهام الثالث فهو أنّ المفوضية لا تتعاون مع الحكومة اللبنانية في ملفات ونقاط عديدة أخرى تتعلق بموضوع النّازحين السّوريين، لكنّ مولوي لم يُكشف عنها.

منذ اليوم الأوّل لطلب الحكومة اللبنانية من المفوضية إعطائها الداتا الموجودة لديها، تعاطت المفوضية بتجاهلٍ تامٍ لهذا الطلب، وأدارت الظهر له، وعندما أعطت في بعض الأحيان، وتحت الضغوط، أجوبة على أسباب رفضها تسليم الداتا، كانت الأجوبة غير واضحة، لا بل كانت سلبية أحياناً، وقد برّرتها النّاطقة باسم المفوضية ليزا أبو خالد، ذات مرّة، بأنّ هناك “مبادئ دوليّة معتمَدة لحماية البيانات تصبّ في توفير الحماية الدّوليّة والمساعدة الإنسانيّة للنّازحين قسراً ومكتومي القيد”، حسب قولها، إنّما من غير أن تقفل الباب نهائياً أمام الطلب اللبناني عندما أضافت بدبلوماسية إلى أنّ “المحادثات والنّقاشات لا تزال مستمرّةً في هذا الخصوص”.

عدم التعاون هذا من قبل المفوضية مع الحكومة اللبنانية، ومخالفتها الإتفاقية الموقّعة بينها وبين الحكومة اللبنانية منذ الأيّام الأولى للنّزوح السّوري في العام 2011، جعل ملف النّازحين السّوريين في لبنان يتفاقم، ويزداد تعقيداً عاماً إثر آخر، نتيجة النقص الموجود لدى السلطات في لبنان حول وجود أكثر من مليوني نازح سوري في لبنان، وفق تقديرات، من غير أن تعرف السّلطات اللبنانية إنْ كان هؤلاء نازحون فعلاً أم لا بسبب النقص الفادح لديها في قاعدة البيانات حولهم، ما طرح تساؤلات عدّة حول عدم تعاون المفوضية مع الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص، وأسباب عدم هذا التعاون، وهو أمر لا تقوم به ـ أو بالأحرى لا تستطيع ـ في دول أخرى يوجد فيها لاجئون سوريون مُسجّلين لديها، مثل تركيا والأردن، ما دفع البعض إلى تشبيهها بأنّها “دولة في داخل الدولة”.

مماطلة المفوضية في تسليم “الداتا” للسلطات اللبنانية يجدد في كل مرّة الشكوى من تصرفاتها وعن الأهداف والغايات من وراء هذا التصرّف، وعن عجز الدولة في إرغام المفوضية على الإلتزام بالإتفاقية الموقعة معها والقوانين اللبنانية، بعد عجزها ـ لأسباب كثيرة عن أن يكون لها “داتا” كاملة ومفصّلة خاصّة بها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal