في غضون شهر واحد، هو شهر آب الجاري، خرج أو أُخرج 3 نواب من التيّار الوطني الحرّ، هم آلان عون وسيمون أبي راميا وابراهيم كنعان، بعدما كان سبقهم في شهر نيسان الماضي إقصاء نائب رئيس مجلس النوّاب إلياس بو صعب عن عضوية التيّار، ما أثار زوبعة واسعة داخل التيّار البرتقالي وطرح أسئلة حول مصير التيّار في المرحلة المقبلة، وحول مستقبله كقوة سياسية داخل الشّارع المسيحي كانت حتى الأمس القريب تعتبر الأقوى والأكبر تمثيلاً نيابياً.
غداة الإنتخابات النيابية الماضية التي جرت في أيّار من العام 2022 قدّم التيّار الوطني الحرّ نفسه على أنّه يمتلك كتلة نيابية هي الأكبر مسيحياً، مكونة من 21 نائباً (18 نائباً إلى جانب 3 نوّاب من حليفه حزب الطاشناق الأرمني)، وذلك في إطار التنافس الحاد بينه وبين حزب القوات اللبنانية، وادّعاء كلّ منهما بأنّه يمتلك هذه الأكثرية، نيابياً وشعبياً، أكثر من غيره.
وإذا كانت القوّات اللبنانية شهدت بعض الخضّات والخلافات الداخلية التي كان آخرها تلويح حليفها النائب كميل شمعون بانسحابه من كتلتها النيابية، وابتعاد النائب الزحلاوي السّابق سيزار المعلوف عنها، فإنّ ما شهده التيّار الوطني الحرّ كان أشبه بـ”مجزرة” من العيار الثقيل، أفضت بعد مرور سنتين ونيّف على الإنتخابات النيابيّة إلى ابتعاد أو إقصاء 5 نوّاب عن كتلته.
فبعد فترة وجيزة على الإستحقاق النيابي في العام 2022 أعلن نائب عكّار محمد يحيى إنسحابه من كتلة التيّار البرتقالي وانضمامه إلى تكتل التوافق الوطني، بعدما اعتبر في ذلك الحين بأنّ تحالفه مع التيّار كان إنتخابياً لا سياسياً. ومنذ شهر نيسان الماضي إبتعد أو جرى إقصاء 4 نوّاب (بو صعب، عون، أبي رميا وكنعان) ليستقر عدد نواب كتلة التيار على 13 نائب، وسط مؤشّرات غير مطمئنة توحي بأنّ عدد نوّاب الكتلة مرشّح لأن يشهد مزيداً من التناقص خلال ما تبقى من ولاية المجلس النيابي الحالي.
هذه التطوّرات الدراماتيكية داخل التيّار الوطني الحرّ شكّلت دافعاً لدى مراقبين لطرح أسئلة كثيرة حول واقع التيّار ومستقبله، من أبرزها ما يلي:
أولاً: هل يُنتظر أن يشهد التيّار الوطني الحرّ مزيداً من حالات الإقصاء أو الإستقالات بين صفوف نوّابه، ما سيؤدي إلى تراجع في عددهم ليصبح عدد النوّاب الخارجين أو المبعدين أكثر من عدد النوّاب الذين سيبقون داخل القلعة البرتقالية؟
ثانياً: يترقب كثيرون موقف هؤلاء النوّاب ونوّاب سابقين أُبعدوا أو خرجوا من صفوف التيار مثل النواب زياد أسود، نبيل نقولا، حكمت ديب وماريو عون وغيرهم من كوادر وقيادات بارزة، وهل أنّهم سيشكلون حالة أو حزباً أو تيّاراً سياسياً منافساً للتيّار ورئيسه النائب جبران باسيل، الذي كانت خلافاتهم معه أبرز أسباب خروجهم أو إخراجهم، أم أنّهم سيتحالفون أو يلتحقون بقوى سياسية أخرى حليفة أو منافسة لباسيل وما سيتبقى من تيّاره؟
ثالثاً: بات معروفاً أنّ عدم إلتزام النوّاب المبعدين من عضوية التيّار بقراره في خلال الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس النوّاب في 14 حزيران من العام 2023، وتصويتهم لصالح رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية هي أحد أسباب خلافهم مع باسيل وإبعادهم عن التيّار. واذا كانت تبريرات الإبعاد أو الإستقالة قد أُعيدت لأسباب تنظيمية ومسلكية ضمن الإطار الحزبي، فلا شكّ أنّ التباين داخل التيّار البرتقالي بين باسيل وعدد من النوّاب حول الإستحقاق الرئاسي هو السبب الرئيسي وراء ذلك، وهذا ما كشفه بوضوح بيان لجنة الإعلام في التيّار حول “اتهام” النائب كنعان من أنّه “قدّم نفسه وقاد حملة في الإعلام ومع دعم ثلاثة نوّاب من التيار على أنه مرشّح لرئاسة الجمهورية”، وهو أمر لا يمكن لباسيل ـ الطامح بخلافة الجنرال في قصر بعبدا ـ أن يتساهل حياله أو يغضّ الطرف عنه.
Related Posts