لم يمرّ شهر على القرار الذي أصدره رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، في 2 آب الجاري، يقضي بفصل النائب آلان عون من التيّار، بسبب ما أسماه “مخالفته قرارات التيّار وتوجيهاته على المستويات السّياسية والتنظيمية والإعلامية”، حتى بدأت تظهر مؤشّرات تكشف أبعاد قرار باسيل وأسبابه، والتداعيات المحتملة له.
وإذا كانت مبرّرات إقصاء النائب عون عن التيّار البرتقالي، وهو إبن شقيقة مؤسّسه الرئيس السّابق للجمهورية ميشال عون، جرى تفسيره على أنّه بسبب عدم إلتزام عون بقرارات التيّار، فإنّ مراقبين رأوا فيه تصفية حسابات قديمة بين باسيل وعون إنطلاقاً من أنّ عون كان أحد أبرز منافسي باسيل على رئاسة التيار ويُهدّد زعامته مستقبلاً، فإراد باسيل التخلّص منه مسبقاً.
لكنّ معلومات وتسجيلات صوتية جرى تسريبها أمس، أعطت تفسيراً آخراً لقرار باسيل فصل عون لها علاقة بالإنتخابات النيابية المقبلة، والتحالفات المنتظرة في دائرة بعبدا التي ينتمي إليها النائب البرتقالي، وهي تحالفات في حال صدقت التسريبات وتُرجمت على أرض الواقع، من شأنها أن تشكل ضربة قوية لباسيل وللكتلة النيابية التي يتوقع أن يحصدها التيّار في الإستحقاق النيابي المقبل.
فالتسجيل الصوتي للنائب عون الذي أفادت معلومات أنّه حصل في 10 أيّار الماضي كان خلال إجتماع حزبي عام وغير سرّي في مكتب هيئة قضاء بعبدا في التيّار الوطني الحرّ، أيّ قبل فصله مع أنّ عون قال إنّ الإجتماع حصل بعد فصله، قال فيه عون أمام من التقاهم بأنّ “حزب الله وحركة أمل ابلغوني رسمياً “إنو نحنا باقيين معاً، وإنت رح تكون معنا باللايحة، وإنت بتنقي إتنين مسيحية (نائبين مسيحيين). نحنا هون (في قضاء بعبدا) إنت خيارنا مش حدا تاني”.
النائب عون لم يتأخر في الردّ والتوضيح على التسريب بإشارته إلى أنّه “بعد توصية الفصل واتضاح النوايا السيئة تجاهي، كان من الطبيعي أن أتواصل مع زملائي النواب على اللائحة في قضاء بعبدا (علي عمّار عن حزب الله وفادي علامة عن حركة أمل)، وقد تعاونا في ثلاث إنتخابات متتالية ووجدت لديهم كلّ الإيجابية والإستعداد للإستمرار بالتعاون معاً بناءً على تجربتنا النيابية المشتركة، علماً أنّ هذا الموضوع لا يصبح نهائياً إلا قبل الإنتخابات النيابية بناءً على قرار قيادتهما حينها”، ومؤكًدا أنّ “دراسة خياراتي الإنتخابية بعد فصلي من التيّار الوطني الحرّ هو من البديهيات التي أقوم بها علناً وليس سرّاً من ضمن كلّ الخيارات الإنتخابية المتاحة أمامي، وهي بالمناسبة منسجمة كليّاً مع ما اعتمده التيّار الوطني الحرّ في كلّ الإستحقاقات الإنتخابية السابقة”.
ما سبق يعطي مؤشّراً واضحاً على أنّ نواباً في التيّار، حاليين وسابقين، ممّن جرى إبعادهم أو استقالوا واختاروا الإبتعاد طوعيا نتيجة خلافاتهم مع باسيل، بدأوا منذ فترة التفكير جديّاً بدراسة ترشّحهم خارج لوائح التيّار، ونسجهم تحالفات إنتخابية مع حلفاء التيّار كحزب الله وحركة أمل أو غيرهما، وفق ما تقتضي المصالح الإنتخابية لكلّ منهم على حدة، ويبدو أنّ النائب عون خطا أوّل خطوة فعليّة في هذا الإتجاه.
Related Posts