فشلت المفاوضات، وباتت الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك الركون الى الأيام والليالي والميدان والحرب المفتوحة التي لن يكون فيها ضوابط أو سقوف أو خطوط حمراء..
في ظل التعنت الاسرائيلي وغطرسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، كُسرت كل قواعد الاشتباك التي كانت قائمة على جبهة الاسناد الجنوبية، وتطورت الى ضربات متبادلة، حيث تسعى إسرائيل الى الاستفزاز عبر الاغتيالات وإستهداف المدنيين بهدف تجميع النقاط بدلا من إنتصار ضائع في غزة، بينما تعتمد المقاومة الاسلامية معادلة الردع وتوازن الرعب بتوسيع عملياتها الى مستوطنات جديدة والى مراكز لم تكن إسرائيل تتصور أن تصل اليها المقاومة لا سيما لجهة قصف المراكز العسكرية وإستهداف ضباط وعسكريين وقتل بعضهم وإصابة آخرين بجروح من دون أن يخلو الأمر من إستهداف مدنيين وفق قاعدة “ردة الفعل ستكون على مستوى الفعل”.
لا شك في أن هذه العمليات العسكرية في إطار الرد على العدوان الاسرائيلي تضاعف من الجنون الصهيوني الذي يترجم بقصف البقاع والعمق اللبناني والذي حتما ستتعامل معه المقاومة بالأسلحة المناسبة، وبتوسيع نطاق إستهدافاتها.
يبدو واضحا أن ما تقوم به المقاومة اليوم من قصف لمراكز عسكرية وأمنية وتجمعات جنود هو نتاج ما عاد به الهدهد من صور ومعلومات باتت كلها في عهدة المقاومة ما يعني أن إستمرار الحماقات الاسرائيلية، بما في ذلك الذهاب الى الحرب الشاملة ستضع المرافق الحيوية والثكنات والمصانع المقدر كلفتها ١٣١ مليار دولار في شمال فلسطين تحت مرمى نيران المقاومة وهذا ما يخشاه الداخل الاسرائيلي الذي عبثا يطالب نتنياهو بالقبول بصفقة التبادل والكف عن اللعب بمصير إسرائيل وحياة الأسرى من أجل تحقيق مكاسب شخصية.
في غضون ذلك، عاد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الى بلاده خالي الوفاض، وهو بالأصل لم يأت من أجل التفتيش عن حل بقدر ما جاء يروج للشروط الاسرائيلية التي أدارت حماس لها ظهرها ورفضت التعاطي معها.
ولا شك في أن الأيام القليلة المقبلة والى أن تتحرك عجلة المفاوضات مجددا وفق رؤية جديدة أو تقديم ورقة معدلة، ستكون المنطقة أمام وقت ضائع سيرتكب فيه نتنياهو المزيد من المجازر بحق الفلسطينيين في غزة وسط صمت عربي وإسلامي مخزي، وسيضاعف من إعتداءاته على لبنان بهدف الاستفادة من ركون أميركا لتوجهاته وإستدراجها الى حرب شاملة.
كذلك، فإن الأيام المقبلة ستشكل الوقت المثالي لرد إيران وحزب الله والحوثيين على إسرائيل إنتقاما لاغتيال الشهيدين فؤاد شكر وإسماعيل هنية، وقصف الحديّدة في اليمن، فهل يشكل هذا الرد رادعا لنتنياهو على وقع ضغط المعارضة والمجتمع الاسرائيلي وأهالي الأسرى الرافضين للحرب والمطالبين بإتمام صفقة التبادل ووقف إطلاق النار؟، أم أن الرد معطوفا على توسيع رقعة المواجهات في جبهة الاسناد سيقود المنطقة الى حرب تدرك أميركا أنها ليست في مصلحتها وليست في مصلحة الكيان الصهيوني؟.. وأمام كل ذلك، هل تكون التضحية بنتنياهو آخر الدواء؟.
Related Posts