وكأنه لم يكن ينقص اللبنانيون ما يعانونه من أزمات حتى جاء الانقطاع العام للكهرباء ليحوّل أيام وليالي الصيف الحارة الى جحيم، لا سيما مع ما رافق هذا الانقطاع من تقاذف للمسؤوليات وتخاذل من الوزارة المعنية التي عوض ان ينبري وزيرها للبحث عن حلول بعدما ارهق وتياره السياسي كاهل الوزارة والناس منذ سنين، عمد على نشر صورة وهو يقصّ شعره داخل مكتبه في الوزارة، وكأنه يقول بأن كل ما يجري لا يعنيه.
تجدر الإشارة الى انه وبحسب البنك الدولي فإن قطاع الكهرباء يشكّل قرابة نصف الدين العام بمبلغ يصل الى حوالي 42 مليار دولار، ما يعكس بشكل واضح حجم الازمة التي تنعكس سلباً وبشكل مباشر على حياة المواطنين وتؤثر على عمل مختلف القطاعات لا سيما ادارات الدولة. هذا وتتراوح فترات انقطاع الكهرباء بين 15 و 20 ساعة يومياً.
الى ذلك، وكما بات معروفاً فإن غياب الادارة الصحيحة واستفحال الفساد والسرقة هما السبب الرئيسي لما آلت اليه اوضاع قطاع الكهرباء في لبنان، ناهيك عن ان وجود النازحين السوريين فاقم من المشكلة لا سيما وان معظمهم يتعدى على شبكات الكهرباء الموجودة في المناطق بهدف تأمين الانارة للمنازل التي يقطنوها وسط غياب تام لأية رقابة من اي سلطة كانت.
من جهة ثانية، فإن ارتفاع كلفة تشغيل معامل الكهرباء معطوفة على الهدر المالي الكبير يعمّقان من الازمة.
في سياق متصل، وفيما اوعز رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى رئيس هيئة التفتيش المركزي لإجراء تحقيق فوري بموضوع الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي، اكد الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية باسم العوادي ان التأخير في امداد لبنان بالوقود المناسب لتشغيل معامل الطاقة الكهربائية حصل لأسباب فنية ولوجستية تتعلق بالنقل والشحن، نافياً ما يشاع عن توقف العراق عن تزويد لبنان بالوقود لا سيما “في هذه الاوقات العصيبة”.
اذاً، يمكن القول، إن غرق لبنان في العتمة الذي بات يتكرر آنفاً، كشف المستور وبات يستدعي اجتراح حلول جذرية تسبقها اصلاحات حقيقية تبدأ بتطبيق القوانين وإنشاء هيئة ناظمة، وكما الاعتماد على الطاقة البديلة بالشراكة مع القطاع الخاص. غير ان الاهم يبقى في ابعاد النكد السياسي عن وزارة الطاقة وتسليم مهمة ادارتها الى فريق لا يبرر فشله بجملة “ما خلونا”.
Related Posts