مفاجأة جميلة اثلجت قلوبآ عندما هبطت طائرة مستشار الرئيس الامريكي لشؤون امن الطاقة آموس هوكشتاين عَلى المدرج الغربي لمطار بيروت، إذ كُثُر منتظريه بَعضٌ عن صداقة مستجدة تثبت لهم حضورآ مع اعتياد تشاوف؛ فيما الاهم لقاءاته مع المسؤولين السياسيين وقائد الجيش العماد جوزيف عون؛ علَّ وعسى تنضح جعبته طرف بلل تبرد انفسآ في حمأة حَرِ الجنوب؛ علمآ ان واقع المنطقة بُعد فراسخ عن تسويات او عبور الى تهدئة مرحلية.
ثُم ان المخطط البياني السياسي والديبلوماسي برهن ان سلسلة الزيارات والاخيرة رقم 5 منذ عملية طوفان الأقصى اظهر عدم تماسك مَسار الـ 1701 فيما المتغير التابع Dépendant Variable بيد نتنياهو، واذ بقيت علامات النجاح دون المعدل المطلوب، اعتُبرت لقاءاته بحاجة الى علامات استلحاق ان اثبت حزبه الديمقراطي جدارة الفوز بالإنتخابات الرئاسية الاميركية خلال التشرينين..
بدا ان الزيارة استطلاعية على ما اعلن اعلاميآ وفعليآ وان رافقت البسمة الساخرة المعتادة وجهه، فهو العارف المطلع ان القرار الاستراتيجي للمقاومة يعتبر وقف جبهة الاسناد الجنوبية مرتبط بوقف حرب الإبادة عَلى قطاع غزة، اما السفيرة الاميركية ليزا جونسون فثابرت على قراءة وجوه مِن التقاهم بهدوئها المعتاد عَلى خلفية خبرتها الامنية، بالتالي لَم تخرج الزيارة عن خانة التعريج مِن لندن الى بيروت قبل عبور الاطلسي عائدآ الى واشنطن، ثم ان محادثاته بَقيت ضمن كياسة تبادل آراء حرص تشجيع عَلى تهدئة وخفض تصعيد ..!
ثبت ميدانيآ ان لا معايير قياسية رياضيآ لعبارة “خفض التصعيد” سيَما على جبهة مفتوحة بطول 220 km وبعمق جغرافي مرن، وإن حدد طرفيّ القتال لائحة اهداف متوازية مع التزام مضمر.. كما يتبين ان العبارة قد ترتبط بالحد الاقصى لنمط اطلاق عددي للصواريخ والمسيرات مع توازن تناسب في قدراتها التدميرية من جانب، كذلك عنف القصف الجوي واهمية الاهداف الملاحقة او المطلوبة مِن جانب آخر..!
ضمن حالة انعدام الوزن نتيجة فراغ سدة رئاسة الجمهورية تبقى المراوحة “ستاتيكو” الى أجَّل سند تعنت الافرقاء السياسيين دون اي اعتبار لخطورة المرحلة التي يمر بها الوطن، فيما تبقى حكومة تصريف الاعمال خشبة عوم ولو مهترئة متحليآ رئيسها بالصمت والصبر..
أما اهتمامات المبعوثين العرب والاجانب المتتابعة فإنتقلت الى الوضع جنوبآ سعي تخفيف وطأة قَرار حزب الله والرد المؤلم عَلى عملية اغتيال القيادي فؤاد شكر في عمق الضاحية الجنوبية، كذلك تطبيق القرار الاممي 1701 وتجديد ولاية قوات الطوارئ الدولية UNIFIL لمدة سنة، تلافيآ لحرب مفتوحة عَلى كافة الاحتمالات..!
في منظور التحليل المبسط والواقع المنطقي كان لافتآ تزامن زيارة هوكستاين مع إعلان الادارة الاميركية منح الكَيان الصهيوني صَفقة اسلحة تقدر قيمتها بحوالي 20 مليار دولار، كما ان الحشد العسكري الاميركي في مياه المتوسط الشرقي يعني ان حرب نتنياهو مستمرة، التفاوض يَجري في الوقت الضائع مهما بلغ الرهان عليه قيمة؛ كما أن حضور ومشاركة وليام بيرنز مدير الاستخبارات المركزية CIA لَن تعالج عقمآ وتدفع عبورآ ايجابيآ لجلسات التفاوض الرباعية في العاصمة القطرية الساعية لتحقيق هدنة طويلة وإن عَلى مراحل، في اولى بنودها تبادل الاسرى والمعتقلين اضافة الى ما يطرح عَلى صعيد اجراءات اليوم التالي (ادارة القطاع)؛ كما لن تسقط قناعات اعضاء حكومة الحرب المصغرة المتوائمة مع رغبات رئيسها..!
الكاتب: العميد منذر الأيوبي
عميد متقاعد، كاتِب وباحث..
Related Posts