يشهد “معرض رشيد كرامي الدولي – البيت اللبناني” في مدينة طرابلس للمرة الثانية، حدثا سينمائيا استثنائيا، حيث يستضيف عروض أفلام “قافلة بين سينمائيات” التي تجمع صانعات أفلام من مختلف أنحاء العالم للاحتفاء بالمرأة وصوتها وصورتها في السينما. وتعد هذه هي الزيارة الرابعة لقافلة بين سينمائيات إلى لبنان.
يفتتح المهرجان الساعة الثامنة من مساء الخميس في 29 آب الحالي، بعرض الفيلم المغربي “كذب أبيض” للمخرجة أسماء المدير. ويتناول رحلة المخرجة الشخصية في البحث عن هويتها وحقيقة ماضيها، حين تستعين بأسرتها وأصدقائها لبناء عالم مصغر يعيد إحياء ذكريات طفولتها في الدار البيضاء. من خلال هذا العالم المصنوع يدويا، تحاول أسماء فك شفرة ألغاز ماضيها وعائلتها، مستخدمة التماثيل الطينية الصغيرة كأداة لاستكشاف ذكرياتها وأسرارها العائلية. وتتوالى العروض طوال أيام المهرجان، حيث تستضيف قاعة المعرض مجموعة متنوعة من الأفلام الروائية والقصيرة التي تتناول قضايا اجتماعية وثقافية وبيئية مهمة.
ويعرض في اليوم التالي عند الثامنة من مساء الجمعة، الفيلم الإندونيسي “قبل والآن وبعد ذلك “نانا” للمخرجة كاميلا أنديني ويتناول قصة نانا، امرأة تعيش في أواخر الستينيات وتحاول التغلب على ماضيها المؤلم بعد فقدان عائلتها بسبب الحرب. ورغم زواجها برجل ثري، إلا أنها تعاني الوحدة والخيانة. فيأتي لقاؤها بإحدى عشيقات زوجها ليغير حياتها تماما.
يمنح المهرجان في يومه الثالث عند الثامنة من مساء السبت، كارت بلانش لعرض ستة أفلام قصيرة لبنانية من إخراج نساء، نتجت من مشروع “التنوع البيولوجي والسينما” المشترك بين جمعية ريف – أفلامنا، وبيت الفنان حمانا. وتشمل هذه الأفلام التي سيتم عرضها ومناقشتها في حضور المخرجات “تلة الحيات” إخراج جويل ابو شبكة، “منثور بيروت” إخراج فرح نابلسي، “أفق” إخراج شيرين رفول وموسى شابندر، “ذاكرة المي” إخراج ريبيكا طو”، “مغارة للبيع” إخراج موريال حنين” و”حائكات الأرض” إخراج ريما قديسي.
ويختتم المهرجان يوم الأحد الأول من شهر أيلول عند الثامنة مساء، بتحية إلى فلسطين وعرض فيلمين، الأول “أحلام المنفى” للمخرجة مي المصري، والذي يروي قصة فتاتين فلسطينيتين “منى ومنار” تعيشان في مخيمي لاجئين في بيروت وفي بيت لحم. وعلى الرغم من العقبات العصيبة التي تفصل بينهما، تنجحان في تكوين صداقة قوية عن طريق الخطابات واللقاءات المؤثرة على الحدود الفلسطينية اللبنانية. تم تصوير الفيلم في أثناء تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وبداية الانتفاضة الفلسطينية، ليجسد أحلام وآمال جيل من الشباب الفلسطيني الذي يعيش في المنفى.
أما الفيلم الثاني الذي سيعرض في تمام الساعة التاسعة مساء فهو فيلم “إحكي يا عصفورة” للمخرجة عرب لطفي، والذي يتناول قصة سبع فدائيات فلسطينيات من جيل السبعينات تحكين الحكاية الفلسطينية من الاحتلال إلى المقاومة عبر تجربة حياتهن. وكيف أسسن بفعلهن لبداية المشاركة النسائية في المقاومة. ويحمل “احكي يا عصفورة” خصوصية يستمدها من سردية نسائية واثقة غير معتذرة بل فخورة، سردية تحكي عن تاريخ شكل حلما لجيل السبعينات في الوقت الذي تحاول فيه مدارس التوثيق السائدة حاليا طمس روح تلك التجربة.
يقدم الفيلم قراءة داخلية لتجربة تلك النساء: مشاعرهن، وذاكرتهن العاطفية، ومنطق تفكيرهن. «احكي يا عصفورة» يمثل تأكيدا على حضور ذاكرة المقاومة وتغلغلها في عمق الذات النسائية، وانتشارها عبر الأدب الشفاهي، واستمرارها كفعل سياسي. يتبع العرض نقاش مفتوح مع ابنة مدينة صيدا، المخرجة عرب لطفي.
يشار إلى أن جميع العروض مجانية والدعوة مفتوحة لمحبي السينما والفن. كما يقدم المهرجان إلى جانب العروض السينمائية، وعلى مدار أسبوعين، ورشة عمل تدور حول أساسيات عمل الفيلم التسجيلي الإبداعي، تديرها كل من المخرجة المصرية – الإسبانية أمل رمسيس ومديرة التصوير اللبنانية جوسلين أبي جبرائيل. تعد هذه الورشة فرصة ثمينة للمخرجات الواعدات لتطوير مهاراتهن واكتساب خبرات جديدة. وتمثل عروض “قافلة بين سينمائيات” دورا محوريا في دعم السينما النسائية المستقلة في المنطقة العربية والعالم، كما تسهم في تعزيز الحوار الثقافي وتبادل الخبرات بين صانعات الأفلام من مختلف الثقافات.
Related Posts