الوهم المتجدد!.. عماد العيسى

عاد المبعوث الأمريكي مجددًا إلى المنطقة، وعادت الأوهام الكاذبة بتوقف الحرب على غزة أولاً، والمنطقة ثانيًا. والجميع يعلم أن الولايات المتحدة تستطيع وقف الحرب على غزة في ساعة واحدة، فيكفي أن يتم وقف تدفق أعتى أنواع الأسلحة إلى الكيان أو دعوة مجلس الأمن للانعقاد وطلب وقف النار دون استخدام الفيتو الأمريكي، وهذا ما حصل عدة مرات خلال عشرة أشهر من الحرب البربرية الدولية على غزة. 

وما يعرفه القاصي والداني، الأدهى من كل ذلك الكذب والمشاركة الأمريكية الفعلية في هذه الحرب البربرية، وهذا ما يسوقه هوكستين كما حاول في السابق. والمنطقة بانتظار الكاذب والشريك الآخر وهو المبعوث الفرنسي، ولا نعرف إذا كان هناك مبعوث ألماني أو بريطاني أو ما شابه في الطريق إلى المنطقة. من يظن أن هذه الأيام تمثل الفرصة الأخيرة في المنطقة لوقف إطلاق النار أو التصعيد، وهذا ما يسوقه المبعوث الأمريكي، فهو مخطئ. تجربة السابع من أكتوبر وما نتج عنها من صمود فلسطيني هائل، غير مسبوق في التاريخ، وفي منطقة صغيرة لا تتجاوز 360 كيلومترًا مربعًا، قد غيرت مجرى الأحداث عالميًا ولا يمكن العودة إلى الوراء ..

إذاً، زيارة المبعوثين الدوليين، سواء من الولايات المتحدة أو فرنسا أو غيرهم، ليست سوى محاولات للتهدئة دون نتائج حقيقية، وتدخل ضمن نطاق الكذب السياسي والمماطلة.

المبعوث الأمريكي آموس هوكستين شدد على أن الإدارة الأمريكية تعمل جاهدة لمنع توسع رقعة المواجهة في لبنان. كما أشار هوكستين إلى أن الاجتماعات في الدوحة ستكون مكثفة وستستمر لمدة يومين للتوصل إلى اتفاق. وقد دعا إلى تهدئة الأوضاع في لبنان لتجنب تطور الأمور وانزلاقها إلى حرب. كما عبر هوكستين عن قناعة أمريكية بأن وقف الحرب في غزة سيؤدي إلى تهدئة الأوضاع في لبنان، هذا ما قاله المبعوث. تكرارا للوعود والكذب المستمر.

تسعى بعض الأطراف في المنطقة إلى استغلال الوضع لتحقيق مكاسب سياسية. هذه المحاولات تشمل إدخال مبادرات تروج للحلول السياسية التي قد تبدو مغرية للبعض، لكنها في الواقع لا تتعدى كونها وسيلة للمماطلة وكسب الوقت لصالح الكيان الصهيوني.

من المهم أن ندرك أن هذه التحركات لن تكون مجدية، لأن الإرادة الشعبية المقاومة تتطلب تغييرات جذرية وليس حلولاً سطحية، والتغيير الجذري لن يكون إلا بإنهاء احتلال فلسطين بالكامل .

قيادة الكيان الصهيوني تدرك تمامًا أن القرار قد اتخذ أساسًا لتوسيع المعركة، خاصة بعد اعتداءاتهم الأخيرة وتحديدآ عملية اغتيال الشهيد أبو العبد هنية في طهران والقائد فؤاد شكر في بيروت. يعلم العدو جيدًا أن الردود لن تكون صامتة، وأن فتح المعركة مع لبنان أمر لا مفر منه وقادة الكيان الصهيوني يظنون أنهم سيتخلصون من حزب الله، وهم يعلمون أن التأييد الدولي للصهيونية العالمية يعطيهم فرصة تاريخية لن تتكرر، فلذلك سيقوم هذا الكيان المتغطرس وبدعم صهيوني عالمي ممثلًا بالإدارة الأمريكية ومن معها من فرنسا أو بريطانيا أو أخواتهم بمحاولة ضرب حزب الله ، بنفس الوقت هم لا يدركون أن هناك مئات الآلاف من الشباب المؤمن المجاهد المستعد للقتال، ولا يمكن لأي قوة على الأرض أن تهزمهم.

الشباب التابع لحزب الله، وعشرات الآلاف من الشباب الفلسطينيين المقيمين في لبنان، بل مئات الآلاف من شباب الأمة مستعدون للتوجه نحو فلسطين عند الإشارة. رغم أن البعض قد يعتبر هذه طموحات غير واقعية ولكنه واقع حقيقي يغلفه الايمان , إلا أن الكيان لن يستطيع البقاء إذا استمرت المقاومة. والدول الداعمة للكيان الصهيوني عالميًا لن تتخلى عن محاولاتها لحمايته، والقيادة الصهيونية تعرف أن هذه هي الفرصة الأخيرة للتخلص من قوة حزب الله أو القوة الفلسطينية، سواء كانت في غزة أو الضفة الغربية، وهذا حلم إبليس في الجنة.

لقد وصلنا إلى مفترق طريق واحد لا غير وهو المواجهة الفعلية مع الصهيونية العالمية، وبحاجة إلى تكاتف جميع الجهود للتصدي لهذا الكيان وإزالة الغدة السرطانية الموجودة. هذا هو مطلب الجماهير العربية والإسلامية الحقيقي. يجب أن تكون هناك وحدة كاملة، سواء بين الشعوب أو القيادات.

العدو يدرك أن قوة حزب الله الحالية لا يمكن الاستخفاف بها، وهي تشكل خطورة كبيرة بعد أحداث السابع من أكتوبر وما حدث في قطاع غزة.

هذه هي الفرصة الأخيرة للكيان، في ظل دعم غربي غير مسبوق. هكذا هو يعتقد، ولكنه واهم.

الكيان قد يحاول تنفيذ ضربة استباقية أو شن حرب ضد حزب الله في لبنان، ولكن لا مفر من المواجهة، وصبرهم لن يدوم.

يتساءل البعض كيف يمكن لهذا الكيان وقادته المتوحشين أن يقوموا بعملية عسكرية أو يهاجموا لبنان ويفتحوا معركة مع جنوب لبنان وهم لا يملكون القدرة بعد ما جرى في 7 أكتوبر. لا يوجد حل أمام هذه القيادة الصهيونية إلا محاولة التخلص من قوة حزب الله في لبنان في ظل الدعم الصهيوني العالمي ، لذلك يجب الحذر والتنبه للغدر الهوكشتايني الصهيوني كما جرى في الزيارات السابقة. كل هذا الكلام ممكن أن يوضع في مكان آخر في حال صدرت الأوامر الصهيونية العالمية بوقف إطلاق النار في غزة، وهذا بعيد كل البعد عن الواقع لسبب وحيد، هو أن الكيان في حال وقع على صفقة وقف إطلاق النار يكون قد وقع على وثيقة استسلامه الفعلي.

الكاتب: عماد العيسى

اعلامي وكاتب فلسطيني


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal