نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان: “الاغتيالات تحلّق بتذاكر الطيران في لبنان: صعوبات بالغة للسفر جواً”، وجاء فيه:
تشهد أسعار تذاكر الطيران “تحليقاً” جنونياً على وقع التطوّرات الأمنية اللبنانية والإقليمية والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مروحة واسعة من الشركات تخوفاً من تدهور الأوضاع وانزلاقها إلى حرب واسعة في المنطقة.
ومنذ حادثة “مجدل شمس” يوم السبت الماضي، والتهديدات الإسرائيلية بالردّ القاسي على حزب الله بعد اتهامه بوقوفه وراء العملية رغم نفيه ذلك، اتخذت شركات طيران لبنانية، دولية وعربية، جملة إجراءات مؤقتة، من تعديل وإلغاء وتعليق رحلات ربطاً بالوضع الأمني، قبل أن تعود وتُمدّدها عقب اغتيال جيش الاحتلال للقيادي الكبير في حزب اللهفؤاد شكر بالعدوان الذي شنته على الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الثلاثاء.
هذه الإجراءات التي ترافقت أيضاً مع دعوات سفارات اجنبية وعربية لرعاياها بعدم السفر إلى لبنان أو مغادرة أراضيه فوراً، زادت إثر الاستهداف الإسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران، وتوّعد إيران بردٍّ قاسٍ وحتميٍّ، خصوصاً أنّ الردّ الماضي لها في شهر نيسان، على قصف قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، “زعزع” الأجواء اللبنانية.
أسعار جنونية
على وقع هذه التطورات، قرّر العديد من المغتربين اللبنانيين والسياح الذين كانوا يمضون موسم الصيف في لبنان مغادرة البلاد وتقديم مواعيد رحلاتهم، وقد واجهوا صعوبات عدة، في ظلّ إجراءات شركات الطيران، كذلك الأمر بالنسبة إلى الراغبين في المجيء إلى بيروت حيث عانوا من التدابير واضطروا لدفع أسعار جنونية لتذاكر السفر.
“جودي” واحدة من الذين تلقوا ضربة موجعة من جراء التطورات، أكدت لـ”العربي الجديد” أنها تعيش في باريس وكان سبق أن حجزت تذكرتي سفر لها ولزوجها إلى بيروت لرحلة يوم 30 تموز الماضي، قبل أن توقف الشركة الهولندية التي كانت تنوي السفر على متنها الرحلات وتخيّرها إما باسترجاع ثمن التذكرة وكان 393 يورو للشخص الواحد أو الحصول على قسيمة بالمبلغ نفسه ويمكنها استخدامها لفترة سنة من دون أن تخيّرها بإعادة الجدولة، كما تفعل غالبية الشركات.
وأضافت أنها وجدت نفسها مضطرة للتفتيش عن تذكرة جديدة بأسعار كانت خيالية، وفق تعبيرها. فعلى سبيل المثال، قالت جودي إنها بحثت عن رحلة في الرابع من آب الجاري، فصُدمت بأنّ التذكرة للشخص الواحد، ثم وجدت رحلتين في السابع والثامن من آب بقيمة 566 يورو للشخص الواحد، لكنها فضّلت الانتظار والتروي حتى عودة الهدوء إلى البلاد، علماً أنها كانت ستأتي بمعزل عن الأحداث لولا الغاء الرحلة لرؤية عائلتها وتمضية الوقت معهم.
واستغربت جودي كيف أن الشركة لم تعطِ أولوية للأشخاص الذين كان سبق أن حجزوا تذاكرهم، لتجعلهم كالآخرين يسارعون إلى حجز تذكرة قبل نفادها، لافتة إلى أنها بحثت عبر شركات أخرى لكن كل المقاعد التي تعدّ “اقتصادية” أي ذات تكلفة أقلّ كانت محجوزة بالكامل، بعكس درجة رجال الأعمال وهذه أسعارها باهظة.
تأجيل الرحلات من لبنان
من جهتها، عانت “لارا” مرّتين من مشكلة السفر من بيروت إلى تركيا ثم السويد، إذ كان مفترض أن تسافر يوم الأربعاء عبر خطوط تركية ولدى وصولها إلى المطار تم الإبلاغ عن تعليق الرحلة إلى إسطنبول، وهذه المرة الثانية التي تؤجل رحلتها، لكن الشركة ستُحدد لها موعد لاحق بنفس سعر التذكرة.
كذلك، قال ثلاثة أشخاص لـ”العربي الجديد” إنهم كانوا ينوون المجيء إلى لبنان من دبي لتمضية العطلة مع عائلاتهم كما كل صيف، ولا يأبهون للأحداث الأمنية فعلى حدّ تعبيرهم اعتادوا على الأوضاع المتقلّبة في البلاد، لكنهم يواجهون ارقاماً خيالية لناحية الأسعار، مرّتين أكثر من المعتاد.
صعوبات شركات السفر
وقال صاحب مكتب العجوز للسياحة، زياد العجوز، لـ”العربي الجديد”، إنّ “العديد من المواطنين عمدوا إلى تقديم رحلاتهم بفعل التطورات التي بدأت منذ يوم السبت الماضي، عقب حادثة مجدل شمس، وزاد المشهد أيضاً بفعل التهديدات الإسرائيلية والاغتيال الذي شهدته الضاحية الجنوبية لبيروت”.
ولفت العجوز إلى أنّ هناك شركات طيران ألغت رحلاتها، وبعضها أعاد الجدولة وفضّلوا التوقيت الصباحي، وهناك من حوّل رحلاته إلى شركات أخرى، وبطبيعة الحال هذه الأمور تدفع إلى رفع أسعار التذاكر، مشيراً إلى أن “صعوبات كثيرة واجهت شركات السفريات التي اضطرت إلى البحث عن وجهات أخرى للتوقف فيها قبل سفر الأشخاص إلى وجهتهم الأصلية، فمثلاً من يريد السفر إلى باريس كنا نحجز له إلى انطاليا أو دلامان التركية، فهما كانا المتنفس للرحلات قبل الوجهة الأصلية”.
وأشار العجوز إلى أنّ الأسعار ارتفعت تقريباً من 20 إلى 50%، وهذا مرتبط بالعرض والطلب، لافتاً إلى أنه حصل تراجع كبير لناحية القادمين إلى لبنان.
بدورها، قالت موظفة في شركة “ترافل بوك” للسياحة، رايان خالد، لـ”العربي الجديد”، إنه بطبيعة الحال إذا كان الشخص حجز مسبقاً تذكرته وعمدت شركة الطيران إلى إلغاء الرحلة أو تأجيلها، عليها أن تعوّض له بحجز مقعد في الرحلة القادمة، من دون أن يضطر إلى حجز تذكرة أخرى وبسعر يكون أكثر ارتفاعاً.
ولفتت خالد إلى أن “هناك في هذه الظروف شركات تعمد إلى استغلال الوضع للكسب المادي، ولكن في المقابل هناك شركات محترمة تتعاطى بمسؤولية مع زبائنها”، مشيرة إلى أنّ “الشركات تواجه تعقيدات خلال هذه الفترة، خصوصاً مع الأشخاص الذين سافروا إلى بلد معين، وحصلت الأحداث أثناء إقامتهم، وعلقوا هناك، هؤلاء نحاول مساعدتهم بكل ما أمكن لتأمين عودتهم مثلاً من مصر أو تركياوبلدان أخرى”، لافتة أيضاً إلى أنّ “هناك صعوبات في العثور على مقاعد على متن الطائرات، في ظل الطلب المرتفع”.
إجراءات استثنائية
وتبعاً لهذا المشهد، يوضح رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر جان عبود لـ”العربي الجديد”، أنّ “أسعار التذاكر يحكمها العرض والطلب، وفي ظلّ الإلغاء وتراجع العرض أمام الطلب، وتقديم العديد مواعيد رحلاتهم، ارتفع السعر، ولم يعد هناك مقاعد، حيث إن المقاعد مثلاً على الدرجة الاقتصادية تعدّ محجوزة بالكامل، بعكس درجة رجال الأعمال، وبالنهاية شركات الطيران تجارية ولديها تكاليف تشغيلية”.
كذلك، أشار عبود إلى أنّه “عندما يحصل أي حدث أو طارئ يدفع شركات الطيران إلى اتخاذ إجراءات استثنائية وإلغاء رحلتها، فهذه الأخيرة تعمد إلى متابعة أوضاع ركابها سواء بحجز فنادق لهم في البلد الذي توقفوا فيه أو تمنحهم مبلغ من المال مثلاً 300 دولار لقضاء الليلة، هذا بالنسبة إلى أولئك الذين يريدون السفر على متن أول رحلة قادمة أو تحوّلهم إلى شركات طيران أخرى، أو لمواقع أخرى ينتقلون منها إلى وجهتهم الأساسية، وغيرها من الخطوات التي يفرضها القانون، وبالتالي تتحمّل التكاليف من دون أن يتكبّد المسافر مصاريف إضافية”.
وأيضاً لفت عبود إلى أنّ “هناك تراجعاً بحوالي 30 إلى 33% بعدد الوافدين إلى لبنان، وهناك حالات تعمد إلى تقديم رحلاتها ما أحدث فوضى، حيث إن عامل الخوف مؤثر بطبيعة الحال، وهناك قلق من إقفال المطار ولا سيما في ظلّ الإجراءات التي تعتمدها شركات الطيران والإلغاءات التي توالت”، مشيراً كذلك إلى أن “هناك تراجعا في عدد الرحلات اليومية إلى بيروت من 85 إلى 70 رحلة”.
(العربي الجديد)