في ظل إستمرار الفراغ الرئاسي، والحساسيات المتنامية طائفيا حول بعض المواقع الادارية والعسكرية الحساسة، دخلت رئاسة الأركان في الجيش اللبناني الى البازار السياسي والطائفي مجددا، بعد المطالبة الدرزية بلسان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتوقيع قرار تعيين اللواء حسان عودة رئيسا للأركان من قبل وزير الدفاع موريس سليم المعتكف عن حضور جلسات مجلس الوزراء بتوجيهات من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
مع رفض الوزير سليم القيام بواجباته الوطنية في حماية الجيش اللبناني والحفاظ على هيكليته العسكرية للحؤول دون حصول أي فراغ، أخذ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأمر بصدره، وعمل مع مجلس الوزراء على تعيين اللواء حسان عودة رئيسا للأركان وذلك حرصا على المؤسسة العسكرية ومن أجل تخفيف الضغط عن قائد الجيش العماد جوزيف عون، وقد تريث ميقاتي في نشر القرار في الجريدة الرسمية درءا لأي إستفزاز سياسي لا يريده وليس وقته، وقطعا للطريق على بعض المصطادين بالماء العكر سياسيا وطائفيا.
يقوم اللواء عودة اليوم بمهامه كاملة في رئاسة الأركان، وبناء على القرار الصادر عن مجلس الوزراء تم ترفيعه الى رتبة لواء وصرف التعويضات العائدة للرتبة الجديدة، ما يجعل توقيع وزير الدفاع موريس سليم على القرار وإصداره بمرسوم عملا إجرائيا يمكن تأجيله الى حين الوصول الى توافق سياسي حول هذا الأمر.
ومع عودة الحديث عن إمكانية التمديد مجددا لقائد الجيش العماد جوزيف عون، عادت قضية رئاسة الأركان الى الواجهة، خصوصا وبحسب المتابعين أن إصرار الوزير سليم على عدم التوقيع يحول دون إمكانية أن يتسلم اللواء عودة مهام قائد الجيش بعد 10 كانون الثاني 2025 تاريخ إنتهاء الولاية الممدة للعماد عون، وبالتالي فقد بوشرت الاتصالات من أجل دفع الوزير سليم الى التوقيع، وسحب المراجعة التي قدمها بهذا الشأن الى مجلس شورى الدولة، وإقناع مرجعيته السياسية المتمثلة بالنائب باسيل بذلك.
وجاء تحرك جنبلاط على هذا الخط، وزيارته الى رئيس مجلس النواب نبيه بري ليصب في هذا الاطار، حيث وعد رئيس المجلس صديقه وحليفه ببذل كل الجهود لإتمام هذا الأمر، والاستفادة من تطور العلاقة مؤخرا مع النائب باسيل الذي وافق على المشاركة في الحوار في إطار خطواته الانفتاحية على عين التينة.
لا شك في أن إعادة الكرة الى ملعب باسيل من شأنها أن تحرجه وتضعه بين نارين: الأولى طائفية، حيث في حال طلب باسيل من موريس سليم التوقيع، وفي ظل إستمرار الفراغ الرئاسي، فإن قيادة الجيش ستؤول بعد ستة أشهر الى ضابط درزي، وسيخسر الموارنة موقعا أساسيا جديدا بعد حاكمية مصرف لبنان وهذا لا يستطيع باسيل تحمله في ظل السباق الطائفي القائم بينه وبين القوى المسيحية الأخرى ولا سيما القوات اللبنانية.
والنار الثانية سياسية، حيث في حال عدم توقيع سليم فإن التمديد بعد ستة أشهر سيكون حتميا لقائد الجيش العماد جوزيف عون الأمر الذي سيبقيه في قيادة الجيش سنة إضافية وسيبقي حظوظه قائمه وربما تتقدم أكثر فأكثر نحو رئاسة الجمهورية، في الوقت الذي ينتظر فيه باسيل إنتهاء ولاية قائد الجيش بفارغ صبر، إنطلاقا من قناعته بأن عودته الى منزله ستؤدي الى تراجع حظوظه الرئاسية بشكل كامل.
وبإنتظار، ما ستؤول إليه الأمور في رئاسة الأركان، تؤكد معلومات خاصة أن الاتصالات جارية بين المعنيين على قدم وساق لإيجاد الحلول الناجعة، وأن لا صفقات ولا تسويات في هذا الملف، كما أنه لن يكون هناك أية مقايضة بين رئاسة الأركان والتمديد لعضويّ المجلس العسكري، خصوصا أن الملفين منفصلين عن بعضهما البعض.
Related Posts