أطلت الصين من جديد بإيجابيات فرضت نفسها على الفصائل الفلسطينية التي إجتمعت في رحابها ضمن لقاء مصالحة من شأنه أن يكون له تأثير كبير على مستقبل القضية لا سيما بعد طوفان الأقصى وما نتج عنه من هزيمة تاريخية لإسرائيل ومن حرب إبادة شنتها على قطاع غزة.
فبعد المساعي الصينية التي أثمرت تفاهما سعوديا ـ إيرانيا ساهم في إيقاف الحرب على اليمن، وما تزال مفاعيله قائمة ومرشحة لمزيد من التطور الايجابي، وجدت الجمهورية الشعبية أنه لا بد من القيام بخطوات جدية تجاه الفصائل الفلسطينية الـ14 لوضع حد للانقسامات التي تسمح للعدو اللعب على التناقضات، فكان إتفاق على جملة من الثوابت أبرزها التأكيد على شرعية المقاومة بكل أشكالها، وتشكيل حكومة مصالحة وطنية لإدارة الوضع في غزة.
تشير المعلومات الى أن لقاء المصالحة الفلسطينية كان يفترض أن يُعقد منذ أكثر من شهر، إلا أن ضغوطا أميركية مورست على السلطة الفلسطينية لتأجيله، ولكن مع تطور الأوضاع في غزة، وتحول وقف إطلاق النار فيها الى هدف إستراتيجي أميركي، ومع إستمرار الغطرسة الاسرائيلية التي يمارسها نتنياهو، فضلا عن الإرباك الواضح الذي يفرضه الاستحقاق الرئاسي على الولايات المتحدة من الرصاصة التي أصابت أذن دونالد ترامب الى تنحي جو بايدن عن خوض السباق لمصلحة نائبته كامالا هاريس، كل ذلك، أدى الى إفساح المجال أمام إنعقاد هذا اللقاء الذي من شأنه أن يعزز من التأثير الصيني في المنطقة.
لا شك في أن لقاء المصالحة قد حمل سلسلة من الإيجابيات، لجهة:
أولا: دخول الصين بشكل رسمي الى الملف الفلسطيني كدولة عظمى لها ثقلها في العالم، وكسر الهيمنة الأميركية عليه لا سيما بما يتعلق بالانحياز الكامل لإسرائيل، في حين أن للصين مواقف متقدمة وإيجابية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن من القضية الفلسطينية.
ثانيا: حاجة الفلسطينيين الى أي جهة إنتموا، الى أن يشعروا أن معركة طوفان الأقصى قد ساهمت في توحيدهم في حكومة مصالحة تواجه تداعيات الحرب.
ثالثا: حاجة المقاومة بعد توقف الحرب الى جهة رسمية فلسطينية تستطيع التعاطي مع دول العالم، وتكون قادرة على إستلام المساعدات وعلى عقد الاتفاقيات حول إعادة الاعمار في غزة.
رابعا: الاعلان المبطن عن إنتهاء التنسيق الأمني مع الاحتلال وعدم الاحتكام للسلاح، وعودة الفصائل كافة الى الثوابت الفلسطينية الأساسية لجهة حق العودة، واللجوء الى المقاومة بكل أشكالها، والتأكيد على عدم شرعية الاحتلال، وعلى عدم وجود أي قوة عسكرية في غزة سوى القوة الفلسطينية ـ الفسلطينية.
خامسا: التوافق على تشكيل حكومة مصالحة وطنية تجري إنتخابات تشريعية تؤسس لإعادة تكوين السلطة في الضفة وغزة، فضلا عن إجراء إنتخابات المجلس الوطني الذي يشمل الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات.
لا شك في أن لقاء المصالحة يعتبر أحد أبرز نتائج طوفان الأقصى، وبالرغم من أن العبرة في التنفيذ وإبراز حسن النوايا، إلا أن ما شهدته بكين يؤسس لهزيمة جديدة لإسرائيل من خلال ضرب مشروعها الذي تعمل عليه منذ أربعين عاما وتهدف من خلاله الى اللعب على التناقضات بين الفصائل الفلسطينية وزرع الشقاق والعداء بينهم لا سيما بين ما يعرف بالسلطة والمقاومة، وفي الوقت الذي تتجه فيه الفصائل الى تشكيل حكومة مصالحة وطنية، تترنح الحكومة الاسرائيلية على وقع الخلافات والانقسامات التي من المرجح أن تتطور بشكل دراماتيكي مع إستمرار الاخفاقات الاسرائيلية العسكرية والأمنية والسياسية، ومع ترجيح عودة نتنياهو من زيارته الأميركية خالي الوفاض، خصوصا أن تزامن إنعقاد اللقاء معها يحمل دلالات عدة!.
Related Posts