لم تخل مبادرة نواب المعارضة من الشعبوية التي تجسدت في سلوك البعض ممن أراد إستخدامها لضرب المبادرات الأخرى، أو إعطائها حجما أكبر من حجمها بوصفها “خارطة طريق رئاسية” فيما هي لم تأت بجديد، سوى “طرح أعراف إضافية سبق ورفضتها”، قبل أن تصطف خلف سواها من المبادرات التي لم يُكتب لها النجاح.
وفي الوقت الذي تتطلب فيه أية مبادرة كثيرا من الهدوء والحكمة والحنكة والوعي لإقناع سائر التيارات السياسية لقبولها والسير بها، على غرار مبادرة تكتل الاعتدال الوطني التي ما تزال متقدمة على غيرها الى أن تنضج الظروف لاستكمالها، أحاط نواب المعارضة مبادرتهم بكثير من الضوضاء، ما رسم علامات إستفهام حولها، لجهة: هل هي كانت لإثبات الوجود، على قاعدة أنا أقدم مبادرة إذاً أنا موجود؟ أم أنها كانت لإستفزاز بعض الأطراف وإحراجهم؟ أم أنها مجرد لعب في الوقت الضائع طالما أن ظروف الاستحقاق الرئاسي لم تنضج بعد؟.
ولا شك في أن الزوبعة التي لجأت إليها المعارضة في الاعتراض على عدم تحديد موعد لها من قبل الثنائي الشيعي، وإطلاق المواقف والتصريحات التصعيدية الشعبوية حيال ذلك، شكل كما يبدو محاولة إستباقية لعدم تحديد هذا الموعد، بهدف رمي المسؤوليات على الثنائي وإستهدافه مجددا باتهامات التعطيل، في حين أنه لم يصدر أي موقف عن الثنائي يرفض لقاء وفد المعارضة بل كان هناك تأجيل لهذا الموعد لأسباب من حق الثنائي أن يحتفظ بها لنفسه، وبالتالي فإن اللقاء قد يعقد في أي وقت في حال سمحت الظروف بذلك، وبحسب مصادر متابعة فإن إتصالات ما تزال جارية بين نواب في المعارضة وزملاء لهم في الثنائي قد تسفر عن تحديد موعد خلال الاسبوع الحالي، خصوصا أن من نادى بالحوار منذ نحو سنتين، لا يمكن أن يمتنع عن الحوار مع نواب يطرحون مبادرة.
واللافت، أنه منذ إعلان المعارضة عن مبادرتها، وتبنيها من قبل القوات اللبنانية المشاركة فيها، لم يتوان رئيسها سمير جعجع عن إستفزاز الثنائي ببيانات يومية فيها الكثير من الاستهداف والافتراء، وتحديدا تجاه الرئيس نبيه بري، ما يوحي بأن جعجع الذي يطمح للوصول الى رئاسة الجمهورية وينتظر تبدلا في المناخات الاقليمية والدولية تصب في مصلحته، يُطلق نيرانا صديقة على المبادرة لإفشالها، أو على الاقل لمحاولة تعطيل لقاء المعارضة بالثنائي أولا لإحراجه وخلق مادة جديدة لإستهدافه، وثانيا خشية قيام الثنائي بالتعاطي الايجابي معها.
وتشير المصادر الى أن من يريد أن يطرح مبادرة رئاسية ويؤمن مقومات النجاح لها يحيطها بكثير من الايجابيات تماما كما فعل تكتل الاعتدال الوطني، لا يلجأ الى إستخدام كل أنواع السلبيات والاستفزازات التي تعرقلها أو قد تدفع البعض الى عدم التجاوب معها، خصوصا أن الجميع بات يدرك أن المبادرة لن تقدم ولن تؤخر ولن يكون مصيرها أفضل من سابقاتها.
وفي هذا الاطار، ترى المصادر أن على نواب المعارضة بدل أن يسارعوا الى إنتقاد الثنائي لتأخره في تحديد موعد لهم، عليهم أن يطلبوا من جعجع التوقف عن إطلاق النار عليها من الخلف، لتهيئة الأجواء المناسبة لطرحها.
Related Posts