مختصَراً جدّاً كان التصريح الذي أدلى به الرئيس السّابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، بعد لقائه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، يوم أمس، لكنّه كان معبّراً ويحمل ضمنياً كثافة في المواقف والمعلومات.
البيان الذي وُزّع بعد لقاء برّي ـ جنبلاط أوضح أنّه “جرى عرض للأوضاع العامّة والمستجدات السياسية المتصلة بالملف الرئاسي، والميدانية، في ضوء مواصلة إسرائيل لعدوانها على لبنان وقطاع غزّة”، من دون الإشارة إلى أنّ ملف رئاسة الأركان العالق على أزمة وزير الدفاع وقائد الجيش قد جرى التطرّق إليه، برغم أنّ هذا الملف كان حاضراً في المواقف السياسية بعد تسوية طلاب الكليّة الحربية الأسبوع الماضي، إثر طلب مسؤولين في الحزب الإشتراكي ونواب في اللقاء الديمقراطي أن تنسحب التسوية التي جرت في الكليّة الحربية على رئاسة الأركان.
متشائما كان بيك المختارة عندما تحدث عن ان “المشاكل كبرت” في البلد، وهي في تزايد مستمر في ضوء استمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية منذ قرابة سنة و9 اشهر، واستمرار العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان الذي يقترب من دخول شهره العاشر.
ومتشائماً أيضاً كان الزعيم الدرزي عندما لفت إلى أنّ “الغيوم سوداء” وهي تلبّد سماء لبنان والمنطقة، في إشارة منه الى أنه ليست خافية تعبّر عن قلقه من أنّ هذه الغيوم هي نذير إتساع رقعة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وامتداده ليشمل المنطقة والذي كانت إحدى مؤشّراته عدوان الطائرات الحربية الإسرائيلية على ميناء الحديدة في اليمن ردّاً على استهداف جماعة أنصار الله الحوثية تل أبيب، والسفن التي تعبر مضيق باب المندب وهي تحمل علم الكيان الإسرائيلي أو متجهة إلى ميناء إم الرشراش (إيلات) المحتل في جنوب المطلّ على البحر الأحمر، دعماً من اليمنيين للمقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة، ما أصاب الميناء بشلل تام.
غير أنّ كلّ ذلك لم يدفع جنبلاط إلى القول أننا “لم نفقد الأمل (وكأنّه يشير ضمناً إلى مسرحية زياد الرحباني الشهيرة “لولا فسحة الأمل”، وإلى رواية الروائي الفلسطيني إميل حبيبي “المتشائل”، التي خلط فيها عنوان روايته بين التفاؤل والتشاؤم) في الإستمرار بأيّ مسعى وأيّ جهد، من أجل وقف الحرب في الجنوب ومن أجل الوصول إلى الإستحقاق الرئاسي”، إدراكاً منه بأنّ أيّ بديل عن ذلك هو دخول البلد في أتون حرب لا أحد يعرف نتائجها المدمّرة والكارثية، ولا أحد قادر على معرفة موعد نهايتها ونتيجتها وتداعياتها.
ومع أنّ جنبلاط أشار إلى مساعي وقف الحرب في الجنوب وإنجاز الإستحقاق الرئاسي في موعد قريب يقوم بها رئيس المجلس ويقوم هو “ببعض منها” على طريقته، فإنّه بدا وكأنّه مستسلماً لواقع في لبنان والمنطقة لا يملك أحد في البلد القدرة على تغييره، عندما لفت إلى أنّه “ليس هناك من شيء آخر في هذه اللحظة”، في موقف يشير إلى الجمود الكبير الذي يلفّ لبنان من أقصاه إلى أقصاه، وفي كلّ قضاياه وملفاته.
Related Posts