أحيا المجلس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى، اليوم الثامن من محرم في مقره، برعاية نائب رئيسه العلامة الشيخ علي الخطيب، في حضور حشد من علماء الدين والشخصيات والفاعليات السياسية والنيابية والقضائية والاجتماعية والإعلامية والمواطنين.
بعد تلاوة اي من الذكر الحكيم للمقرىء احمد المقداد، قدم الاحتفال الدكتور غازي قانصو، فقال: “في أفق لبنان المضطرب، بنظامه ذي الأسقف المتعددة، الواقف على حدود العدوان متفرجا، فيغزوه العدوان من حين لآخر،بزغ نجم سماحة الإمام السيد موسى الصدر، مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، حاملاً رسالة الأمل للناس، والوحدة الوطنية، والدفاع عن الارض والعرض. لم يكن السيدُ الحبيب مجرد زعيم ديني كبير مثقفٍ ومحبوب من شعب لبنان ومثقفيه من أطيافه المتعددة، بل كان رمزًا للإصلاح السياسي والاداري والديني والاجتماعي، ورمزا للدفاع عن الوطن كله، غايته رفع الحرمان وإلغاء الطائفية السياسية وحفظ الكيان اللبناني من العدوان الاسرائيلي الغاشم”.
اضاف: “السيدُ الامام، بكلماته العميقة وبصيرته النافذة، دعا إلى العدالة الاجتماعية والمساواة، مشددًا على حقوق المناطق المحرومة كلها، بما فيها أحزمة البؤس ، ركز الإمام السيد الصدر جهوده على الجنوب، مدافعًا عن أهله ضد الاحتلال والتهميش فدعا الى تكوين انصار الجيش اللبناني، فلم يستجيبوا، وعندما رأى الخطر داهما أسس حركة المحرومين وافواج المقاومة اللنانية أمل للدفاع عن لبنان لا سيما في الجنوب، فكان ذلك اول تأسيس للمقاومة في لبنان بوجه إسرائيل. كما سعى لتنمية كافة المناطق المحرومة في لبنان فكان أُنموذجًا للقائد الحق، لا ينحني أمام التحديات، بل يواجهها بعزيمة لا تلين. آمن بأن الوحدة الوطنية والسلم الاهلي هما السبيل لبناء لبنان المستقبل، محاربًا الفساد وداعيًا إلى دولة تنصف جميع أبناءها، وتدافع عنهم في مناطقهم، وتعزز وجودهم بتأمين شروط العيش الكريم في التنمية اللازمة . ورغم اختطافه في جريمة نكراء على يد رأس النظام الليبي القذافي، عام ١٩٧٨، بقيت كلماته منارة للأمل والنضال، وصارت فعلا عظيما في حياة اللبنانين ووطنهم.”
وتابع: “سيدي أيها الإمام القائد السيد موسى الصدر، ستظل ذكراك حية في قلوبنا، نستلهم منها العزيمة، ونمضي على دربك نحو وطن ينعم بالكرامة والعدالة في دولة المواطنة الصحيحة. ويتابع دولة الرئيس الاخ الاستاذ نبيه بري، رئيس حركة امل، ورئيس المجلس النيابي، دوره البارز في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي في لبنان من خلال دعم مشاريع التنمية والبنى التحتية، بالإضافة إلى دعمه للمبادرات التربوية والاجتماعية والشعبية التي تعزز النهوض بالمجتمع اللبناني بأكمله، ودوره في تحطيم نظام الهيمنة، وفي تعزيز المقاومة في الجنوب والدفاع عنها في كل مكان. وبفضل توجيهاته ورؤيته الاستراتيجية، استطاع الاخ الاستاذ الرئيس نبيه بري أن يحقق تقدماً ملموساً في عدة مجالات تخدم مصلحة البلاد وشعبها لا سيما في المجال السياسي الدولي والعلاقات الإقليمية والدولية ، مما يجعله شخصية لها التأثير الأكبر في مسيرة لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية. نسأل الله أن يحفظه ويمد في عمره لما فيه خير البلاد والعباد.”
ممثل بري
والقى كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري عضو هيئة الرئاسة في حركة “امل” النائب الدكتور قبلان قبلان قال فيها: ” ظم الله أجورنا وأجوركم في هذا المصاب الجلل في هذه الليالي العاشورائية الحزينة، ليالي كربلاء التي يتقاطر فيها المؤمنون والمؤمنات في كل بقعة من بقاع العالم الإسلامي ليحيوا هذه الشعيرة وليشاركوا بهذا العزاء وليقدموا المواساة لسيدتنا فاطمة الزهراء (ع)، عاشوراء هذه المدرسة العظيمة وهذا الحدث الجلل وهذه الثورة التي ليس لها مثيل في التاريخ لم نسمع ولم نقرأ ولم نعايش ثورةً في تاريخ البشرية كانت كثورة الحسين لا بالشكل ولا بالمضمون، لم نسمع أن قلة مجردة إلا من الإيمان تقرر أن تثور في وجه كثرة مزودة بكل وسائل الظلم والفجور، ولم نسمع أن قائداً يعلم أنه ذاهب الشهادة فيعلن ذهابه ويخرج في هذا الطريق، لأن من عادة الثورات وأهدافها أن الثائر يخرج لينتصر، يتحين الفرصة التي يرى أن انتصاره قريب فيخرج في تلك الثورة لينتصر، ولا نعلم أن أحداً يعلم أن كل من يواجهه في الكون هو معادٍ له، ولكنه يقرر أن يثور ويخرج في هذا الثورة، ولم نعلم أن ثورة استمرت في هذا الكون سنوات وعقود وقرون وما زالت تتوهج وتتلالأ وتتوهج عاماً بعد عام، آخر ثورة سمعنا بها كانت عام 1917 وانتهت كل آثارها عام 1995 الثورة البلشفية لم تصمد مائة عام، ولكن ثورة الحسين هذه الثورة المميزة التي ليس لها مثيل بعد كل هذه القرون وهذه السنوات ما زالت تحصد ويتزع في ضمير الأمة وضمير الانسانية كل الإنسانية”.
أضاف: “هذه الثورة لم تكن لغايات وأهداف شخصية أو دنيوية من أجل الحكم أو من أجل المال أو من أجل الزعامة أو من أجل الرئاسة، وهو الذي لو أراد ذلك لكان له بلا هذه الثورة، ولكنها كانت من أجل رسالة الإسلام ومن أجل القرآن، ومن أجل الإنسان كل الإنسان، كانت هذه الثورة من أجل البشرية من عاصرها ومن سيهدي بعدها، من أجلنا نحن اليوم ومن أجل القادم من الأجيال ومن البشر كي يتعلموا كيف يمكن للإنسان إذا أراد أن يدافع عن قيمه وعن مبادئه وعن دينه وعن أرضه كيف يمكن لهذا الإنسان أن يرتقي بثورة الحسين ويتعلم منها طريق الانتصار، كيف يمكن لإنسان يريد أن يحارب الظلم ويساند المظلوم كيف يمكن له أن يفعل ذلك دون أن يلتفت إلى معيار القوة المادية وإلى معيار السلاح والمال والعدد والكثرة، إلى معيار الامكانات التي بين يديه لأن الإمام الحسين لم يخرج لثورة بسلاح بل خرج بالإرادة وبالايمان وكان له ما أراد”.
وتابع: “نحن اليوم في هذه الأيام العاشورائية، يختلف هذا العام عن باقي الأعوام التي جرى فيها إحياء عاشوراء وكربلاء، في هذه الأيام شعبنا وأهلنا يحيون هذه الشعيرة ليؤكدوا الالتزام بهذه الثورة بالفعل وبالقول، في ما مضى كانت المجالس عاشوراء تُحيا في كل مكان، اليوم بين المجلس والمجلس شهيد وجريح، بين المجلس والمجلس دماء تسيل على طريق الحسين ودماء تسيل في سبيل الله، دائماً يردد أصحاب المقال “يا ليتنا كنا معكم”، إذا أردت أن تكون مع الامام الحسين فأنت في كل لحظة تستطيع أن تكون معه، اليوم تكون مع الحسين في ما يجري على أرض الجنوب في مواجهة هذا المحتل الغاصب في وجه المجازر التي تُرتكب بحق الابرياء وفي وجه القتل والدمار الذي يحل بشعبنا وأهلنا”.
وقال: “نحن اليوم أمام كثير من القضايا والملفات، أهمها ملفان اثنان: الأول ما يجري في فلسطين والثاني ما يجري في لبنان على المستوى الداخلي والحدود، ما يجري في فلسطين اليوم هو عار على جبين البشرية كل البشرية، لأن القتل والدمار والمجازر التي تحصل كذلك لن نقرأ ونسمع عنها في تاريخنا الحديث، والجميع يشترك فيها، المشاركون والداعمون والمتواطئون والساكتون والذين يزيحوا عن هذا المسار والذين يديرون ظهرهم لهذه الجرائم. المشكلة الكبرى أن ما يجري في هذا اليوم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بلبنان، وهناك من يقول لماذا أنتم منخرطون في هذا الصراع، لماذا تستشهدون على الحدود ومن أجل ماذا؟ نقول بسؤال بسيط: إذا لم نكن منخرطين في وجه هذا العدو هل تضمنون لنا أن لا تنخرط إسرائيل في قتلنا؟ هل أحد في هذا العالم يضمن لنا أننا لسنا الوجبة التالية بعد غزة أمام هذا العدو؟ من الذي يحمينا إذا أدرنا وجوهنا عن هذا العدو وأمنا جنبه؟ مجلس الامن أم الأمم المتحدة أم المجتمع الدولي أم القانون الدولي أم الأعراف والقيم والتقاليد العاجزة عن وقف هذه المذبحة الكبرى في فلسطين، وعندما نقول أننا نساند فلسطين نحن لسنا هواةً، إذا أردنا أن نكون أتباع علي ابن أبي طالب فعلينا أن نكون من يترجمون أقواله ووصيته عندما قال لولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كونا للطالب خصماً وللمظلوم عوناً، لم يُسمّ لنا يومها لا جنسية الظالم ولا جنسية المظلوم، لا يُستثنى الظالم الإسرائيلي من الظالم الذي أراده علي ابن أبي طالب، ولا يستبعد المظلوم الفلسطيني ممن قصدهم علي ابن أبي طالب، من أجل ذلك نحن نقول لكل الذين يدعوننا إلى أن نغيّر المسار الذي نحن فيه، ستحموننا إذا حلّت ساعة الغدر الإسرائيلي فينا؟ من وقف معنا في العام 2006 ؟ ونحن اليوم في أيام حرب تموز عندما شنّت إسرائيل تلك الحرب الكبرى على مدننا وقرانا وبلداتنا وسقط منا من سقط وجرح منا من جرح ودمرت قرانا وهُجّر ابناؤنا وشعبنا”.
وتابع: “نحن على يقين أن إسرائيل عندما تنتهي من غزة ستأتي إلى لبنان، لبنان المقاومة، لبنان موسى الصدر، لبنان الشهداء، لبنان الذي هزم إسرائيل من العام 1982 و 2000 و 2006، لبنان الذي مرّغ وجوه جنود الجيش الذي لا يقهر في وحول الجنوب، لن تنسى إسرائيل أنها هزمت العرب وهزمها مشروع المقاومة في لبنان، عندما تهزم أمة بأكملها وتأتي قلة قليلة وتسقط مشروع إسرائيل الكبير ستبقى اسرائيل تستعد وتتحضر وتتهيأ للساعة التي يمكنها فيها الانقضاض على لبنان، ونحن لسنا هواة موت من أجل العبث، ولسنا دعاة مقاومة من أجل الشعارات، نحن دعاة حياة كريمة إذا كنا مع الامام الحسين ومع الامام علي ابن أبي طالب، إذا كنا دعاة حياة عزيزة وكريمة يجب أن ندفع فاتورة هذه العزة والكرامة، ولا عزة ولا كرامة بدون بذل وعطاء وشهادة ومواجهة مع الظالمين مع الأعداء المتربصين على أرضنا وفي حدودنا، صحيح أننا ندفع ضريبة كبيرة هناك شهداء يسقطون، ولكن إذا لم يكن هناك شهداء يدافعون عن هذا الشعب فإن هذا الشعب كله معرض للموت وسيقتل عندها ذليلاً”.
واردف: “اليوم يستشهد من يستشهد عزيزاً فيرتقي شهيداً في سبيل الله وفي سبيل هذا الخط ويحيا الآخرون بعزة وكرامة يرفعون جباههم عالية بوجه كل أولئك الطغاة ويشمخون على هذه الأمة التي تخلّت عن قيمها وعن دينها وعن قرآنها وعن كتابها والتي استسلمت والتي تتفرّج يومياً على ألاف الشهداء والجرحى وعلى الدمار، هذه الأمة التي أصبحت تجلس على أجهزة الإعلام كآلات الحاسوب لتعدّ الشهداء والجرحى ولتعدّ الدمار الذي يحلّ بأهلنا وشعبنا”.
وقال: “الملف الآخر المرتبط في هذه الأيام هو الملف اللبناني الذي يبدأ من انتخاب رئاسة الجمهورية مروراً بإعادة الانتظام العام في كل مؤسسات الدولة، وقلنا ونقول وقد قالها الرئيس بري مرات ومرات ونحن في قاعة اسمها قاعة الحوار الوطني في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، هذا المجلس الذي كان وما يزال جسر التواصل بين اللبنانيين بكل مكوناتهم وفئاتهم، نقول أن الحوار هو المدخل الرئيسي لإعادة انتخاب رئيس للجمهورية ولإعادة انتظام دولة اللبنانية بكل أجهزتها ومؤسساتها، وكل رفض للحوار هو رفض لانتخاب رئيس للجمهورية وهو عناد سياسي وهو “أنا شخصية” تتحكم البعض الذين يراهنون على تغيرات في المنطقة أو في المحيط أو في البلد، نقول لهم لا تراهنوا على سراب، تذكروا ما حصل في 1982 وكيف سقطت الرهانات في 1983 و 1984، نقول أن المدخل والدعوة المفتوحة من دولة الرئيس الأخ نبيه بري إلى القوى السياسية الفاعلة كي يجلسوا على طاولة واحدة وكي يضعوا هواجسهم ومخاوفهم وتحفظاتهم كي يتم التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية وبعد انتخاب الرئيس يجب ان تنتظم الحياة السياسية في البلد على مستوى الحكومة التي يجب أن تشكل حكومة جديدة”.
ورأى قبلان “ان هذه الحكومة التي تعمل اليوم بنصف طاقتها هي حكومة مستهدفة كما ان المجلس النيابي مستهدف كما ان الادارات مستهدفة كما ان الهريان والفوضى التي تضرب كل مؤسسات الدولة أصحبت بشكل مخيف مريب على كل المستويات، الخلافات بين هذا الوزير وذاك الوزير، وهذا الجهاز وذاك الجهاز، وهذه المؤسسة وتلك المؤسسة والخلاف الذي يعصف بالقضاء والاجتهادات والأحكام التي ليس لها مثيل على كل المستويات، كلها أخطار تحيط بهذه الدولة، وهناك من يعمل كي يسقط الهيكل كل الهيكل كي لا يبقى أي أمر صامد وواقف في هذا البلد خدمة للعدو والإسرائيلي الذي يعتبر أن كل خلل لهذا البلد في مصلحة العدو، لأن كل خلل هو عملية إرباك لمشروع المقاومة وهو عملية إشغال للأعين الشاخصة على الحدود وهو طعن بالظهر للذين يوجهون وجوههم لهذا العدو والإسرائيلي”.
واضاف: “نقول للجميع يجب أن تعودوا إلى دينكم وإلى أوطانكم وإلى ضمائركم، يجب أن يجلس الجميع ويتحاور من أجل إخراج هذا البلد، فوق هذا ومع هذا وإلى جانب هذا نحن لدينا عدو مشغولين فيه، لدينا عدو اسمه اسرائيل متربص بنا ولن ندير وجوهنا عن هذا العدو ولن نأمن له، سيبقى عدواً في الماضي والحاضر وفي المستقبل ولن نمكّنه من الانقضاض علينا مهما كلف ذلك حياتنا العزيزة أو موتنا الكريم، ألسنا مع الحسين الذي بذل حياته من أجل عزة وكرامة هذه الأمة؟.
السلام عليك يا سيدي يا أبا عبد الله، السلام عليك الحسين وعلى عليّ ابن الحسين وعلى أولاد الحسين، وعلى الشهداء بين يدي الحسين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”
وفي الختام تلا السيد حسين حجازي مجلس العزاء الحسيني.
Related Posts