نتنياهو محاصر.. غزة تنتظر الضمانات وجبهة لبنان تمنع الحرب!.. غسان ريفي

ينقسم المتابعون لملف التسوية في غزة بين متفائل بقرب التوصل الى وقف إطلاق النار، وبين متشائم يُدرك أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لا يمكن أن يكتب نهايته بيده، لأن إنتهاء الحرب من دون تحقيق أي من أهدافها يعني أن يمضي ما تبقى من حياته في السجن، لذلك فإنه سيعرقل كل الحلول المطروحة لأن بقاءه مرهون بإستمرار الحرب.

وينقسم المتابعون لملف العدوان على الجنوب اللبناني، بين متفائل بعدم توسع الحرب نظرا لتوازن الرعب الذي بات قائما بين لبنان وإسرائيل وقوة الردع التي تفرضها المقاومة، وبين متشائم بحصول هذه الحرب، وبين من يتمناها علها تقضي على المقاومة أو تساهم في إضعاف حزب الله.

وبما أن الجهر بتمني هذه الحرب يُعتبر خيانة وطنية يحاسب عليها القانون، فإن أصحاب هذه النظرية يستبدلونها بالتوقعات التي يحاولون من خلالها التهويل على اللبنانيين، والبناء على تبدل في الظروف الاقليمية والدولية تفسح لهم المجال في تحقيق تطلعاتهم وطموحاتهم وتنفيذ الأجندات التي يلتزمون بها.

في ملف غزة، الكل يعمل على وقف الحرب، والوسطاء يسيرون بخطى ثابتة، وقد نجحوا في إقناع حركة حماس بالتعاطي الايجابي مع البنود المطروحة، وقد كان لهم ذلك، بشرط إعطاء ضمانات يبدو أن أميركا وقطر ومصر يتجهون لتقديمها، لكن العقدة الأساسية ما تزال لدى نتيناهو الذي يدرك أن الجميع يتعاملون بجدية مطلقة مع هذا الملف، خصوصا أن أحدا لا يستطيع تحمل تبعات إستمرار هذه الحرب وجبهتها المساندة في لبنان، لذلك فهو يبدي مرونة مؤقتة اليوم، بإنتظار زيارته الى أميركا وإلقائه كلمة في الكونغرس، حيث سيفتش بعد ذلك على كيفية وضع العصي في الدواليب للتنصل من أي إتفاق والاستمرار في الحرب.

لا شك في أن نتنياهو بات محاصرا من كل حدب وصوب، فلا الجيش قادر على الاستمرار بالحرب وقد تبلغ من بعض الجنرالات رسميا بذلك، ولا أهالي الأسرى مستعدون للتفريط بقضية أبنائهم وهم منذ يومين يملأون الشوارع بالاحتجاجات للضغط على الحكومة لإبرام صفقة التبادل، ولا المعارضة تعطيه نفسا، فتطالب بإسقاطه وإجراء إنتخابات جديدة، ولا المجتمع الاسرائيلي يتهاون معه ويدعو الى محاكمته وإدخاله الى السجن، بعد الهزائم المتتالية التي لحقت بإسرائيل في عهده، ولا حماس تعطيه فرصة لإلتقاط الأنفاس، حيث فشل في تحقيق أهداف الحرب، وفشل في وقف إطلاق الصواريخ من الشمال، وفشل في حماية معبر “نتساريم” الذي يتواجد فيه جنوده بين “فكي كماشة” من الشمال والجنوب، وفشل في إستعادة الأسرى، وفشل في تهجير الفلسطينيين، كما فشل في الحفاظ على الدعم العالمي الذي كان يحظى به مع بداية طوفان الأقصى بعدما كشف العالم بأسره الوحشية الاسرائيلية وحرب الابادة التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.

لذلك، فإن منطق الأمور يقول، أنه لا يمكن لنتنياهو القبول بأي تسوية أو إتفاق، خصوصا في ظل تمسك حماس بشروطها، لجهة وقف إطلاق نار نهائي، وعملية تبادل منصفة، وإنسحاب كامل للجيش، وبالتالي فإن موافقة نتنياهو ستوقف الحرب، ووقف الحرب يعني هزيمة مدوية له ستؤدي الى تدفيعه ثمنا غاليا قد يكون حياته.

أمام هذا الواقع، فإن الافراط في التفاؤل بعيد عن الواقعية، في ظل غطرسة نتنياهو وإمساكه الرئيس الأميركي من اليد الانتخابية التي توجعه، لذلك، فإن البعض بات يرى أن التضحية برئيس حكومة إسرائيل بات حتميا لإنقاذ أميركا ووقف الحرب على غزة والانطلاق بالتسوية الشاملة في المنطقة.

أما في لبنان، فإن إستمرار الحرب على غزة يعني بقاء جبهة المساندة مشتعلة، وبالتالي فإن كل التسربيات حول أوراق معدة سلفا من قبل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين للوضع جنوبا، أو البحث في إتفاق إطار لتنفيذ القرار 1701، كله كلام سابق لأوانه بإنتظار وقف الحرب على غزة.

وفي هذا الوقت، فإن الحرب لن تشهد توسعا في لبنان، في ظل عجز إسرائيلي وعدم تغطية أميركية ودولية، وقوة المقاومة التي وجهت رسالة من العيار الثقيل أمس، بإستهداف مركز الاستطلاع الفني والالكتروني في جبل حرمون في الجولان السوري المحتل، وهو أعلى هدف يتعرض للاستهداف منذ بداية معركة طوفان الأقصى من جبهة لبنان حيث يبلغ إرتفاعه 2230 مترا.

أمام هذا الواقع، يمكن القول، إنه كلما قدمت المقاومة إنجازات من هذا النوع كلما أبعدت شبح الحرب الموسعه عن لبنان، وكلما ضاق ذرعا الذين يتمنون توسع هذه الحرب، فيلجأون الى التصعيد وبث السموم ضد المقاومة!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal