عادت الحرارة الى المفاوضات حول وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة من البوابة الأميركية، حيث تضغط إدارة الولايات المتحدة لكي يبصر الاتفاق النور هذه المرة بعد تعثره مرات عدة بفعل الغطرسة الاسرائيلية وخوف نتنياهو من اليوم التالي، وذلك لمنح الرئيس جو بايدن إنجازا يحفظ به ماء وجهه بعد سلسلة من الإخفاقات.
لا شك في أن الضغط بدأ يتزايد على أميركا مع بدء العد العكسي للانتخابات الرئاسية، خصوصا بعد المناظرة التي جرت بين الرئيس جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، وأسفرت عن خسارة بايدن الكثير من النقاط ومن الشعبية لا سيما في الملف الفلسطيني، لذلك فإن الأميركي بحاجة اليوم الى أن يتقدم خطوة للأمام في ملف غزة مستفيدا من زيارة نتنياهو القريبة لاقناعه أو للضغط عليه بالقبول بالوساطة الأميركية.
تشير المعلومات الى أن تعهدا أميركيا وصل الى الوسطاء يتضمن إنسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع بشكل كامل، مع وقف كامل لإطلاق النار، بما يمهد للبدء في عملية تبادل الأسرى، وقد وافقت قيادة حماس على ذلك مبدئيا، لكنها طلبت تعهدا خطيا بذلك، الأمر الذي أحرج العدو الاسرائيلي فحاول التنصل من خلال تصريحات بعض مسؤوليه.
وفي الوقت نفسه، تمنى المصريون والقطريون على حماس ان تتعاطى مع الطرح المستجد بإيجابية، فوافقت الحركة بشرط الالتزام بالبنود الثلاثة الأساسية وهي: وقف إطلاق نار بشكل كامل، الانسحاب من القطاع، وتبادل الأسرى بشكل تدريجي من دون وضع أي فيتو إسرائيلي على أي من المعتقلين الفلسطينيين.
في الشكل، يتنامى التفاؤل في الوصول الى إتفاق يوقف حرب الابادة في غزة، ويساهم في تهدئة جبهة المساندة اللبنانية، أما في المضمون، فإن الأمور ليست سهلة وهناك بنودا لا تزال عالقة بفعل رفض إسرائيل الالتزام بتنفيذها، وإصرار حماس عليها، خصوصا أن غزة تعرضت لكل هذا الدمار والابادة والتشريد، ومع حماس أكثر من ١٢٠ أسيرا إسرائيليا، فكيف سيكون الوضع في حال تخلت الحركة عن هذه الورقة القوية ودخلت في عملية التبادل من دون أن تضمن عدم تجدد العدوان.
يبدو واضحا، أن العقدة الأساسية أمام إنجاز هذا الاتفاق هو نتنياهو الذي يستمر في الحرب دفاعا عن مستقبله السياسي ولإبعاد كؤوس المحاسبة والمحاكمة والادانة عنه، لذلك فإن نتنياهو يدرك بأنه في اليوم التالي من وقف إطلاق النار ستنهال الاسئلة في الداخل الاسرائيلي عليه، حول أهداف الحرب، لجهة القضاء على حماس التي تفرض شروطها، والأسرى الذين فشل نتنياهو وجيشه في تحريرهم، وكذلك بالنسبة للاخفاقات العسكرية سواء في الشمال حيث ما تزال الصواريخ تطلق منه، ومعبر “نتساريم” المحاصر بين “فكي كماشة” والخسائر اليومية التي تلحق بعناصر وآليات الجيش الاسرائيلي.
لذلك، فإن نتنياهو سيعرقل أي إتفاق لا يحمي مستقبله السياسي، إلا إذا قررت أميركا التضحية به بأي شكل من الأشكال بعدما بات عبئا عليها وعلى مستقبل بايدن في الانتخابات الرئاسية.
تشير المعلومات الى أن الطرح الأميركي قد يكون الفرصة الأخيرة، وفي حال الفشل بتحقيقه، فإن الأمور ستشهد تصعيدا دراماتيكيا في غزة وفي جنوب لبنان وفي البحر الأحمر، وربما يؤدي ذلك الى توسع الحرب في لبنان وتحولها الى حرب إقليمية قد تنعكس سلبا على دول في المنطقة وربما إنهيارا على دول أخرى.
Related Posts