كلّف القاضي أيمن عويدات، بتاريخ 24/6/2024، الغرفة الثانية من محكمة الاستئناف في بيروت برئاسة القاضية زلفا الحسن كهيئة اتهامية لمتابعة الملف رقم 491/2023 المتعلّق بدعوى الدولة اللبنانية ضد المدعى عليه حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وذلك بعد أن رفعت محكمة الاستئناف برئاسة القاضية رنده حروق وعضوية المستشارين اميل شهاب وأدلين صفير، يدها عن النظر بالملف بسبب تقديم وكيل سلامة دعوى مخاصمة بحقها، وقد تقدم سلامة لاحقاً وبتاريخ 25/6/2024، أي بعد صدور قرار التكليف، بدعوى مخاصمة بحقها وبحق المستشارات لمى أيوب ونانسي كرم و لارا كوزاك، وذلك لاتخاذهم القرار بالتاريخ المشار اليه أعلاه بوضع اليد والنظر في الملف 491/2023 سنداً الى قرار التكليف الصادر عن الرئيس أيمن عويدات والذي يتضمن تجاوزاً لحد السلطة.
وبتاريخ 2/7/2024، قدّمت رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر طلباً الى المحكمة برئاسة القاضية زلفا الحسن طالبة تدوين تنازلها عن القرار الاستئنافي الصادر لمصلحة الدولة اللبنانية بتاريخ 3/8/2023 عن الهيئة الاتهامية المناوبِة برئاسة القاضية ملاك وعضوية فاطمة ماجد ومحمد شهاب، والذي قضى بفسخ قرار قاضي التحقيق الأول بالإنابة شربل بو سمره الذي قرر ترك المدعى عليه، كما طلبت إعادة الملف الى قاضي التحقيق الأول المكلف بلال حلاوي لتصحيح الإجراءات في المرحلة الاستنطاقية بسبب انعدام التحقيق لعدم توقيع القاضي بو سمره على محضر استجواب سلامة في جلسة التحقيق الأخيرة.
وقد استندت القاضية اسكندر في طلبها الى أن المواد 16 و 18و 20 من تنظيم وزارة العدل رقم 151/83 أعطتها حق تمثيل الدولة اللبنانية أمام المحاكم في لبنان والخارج وأوجبت عليها اتخاذ جميع التدابير من أجل حماية حقوق الدولة ، وقد أكدت المادة 20 على هذا الموجب حيث اعتبرت أن كل مصالحة تجريها الإدارة في أي نزاع قضائي تُعتبر باطلة اذا لم يصادق عليها رئيس هيئة القضايا المؤتمن على مصالح الدولة اللبنانية، كما يصادق عليها المدير العام لوزارة العدل الذي هو قاضٍ أيضا، وفي حال الخلاف بينهما تُحال المصالحة الى الهيئة الاستشارية العليا.
كما أكدت اسكندر أنّ وزير المال وافق على مضمون كتابها اليه، والذي تُعلِمه فيه بانضمامها الى الدعوى العامة التي أحالها المحامي العام الاستئنافي في بيروت رجا حاموش بموجب ورقة الطلب الى القاضي بو سمره، والذي ادعى فيه على رياض سلامة وشقيقه رجا ومعاونته ماريان الحويك ومَن يظهره التحقيق، كما وافق على قيامها بجميع الإجراءات لحماية مصالح الدولة اللبنانية، مرفقة بنسخة عن كتاب الوزير.
وأشارت إلى أنّ الغاية من تنازلها عن القرار الاستئنافي هو تحريك الملف المتوقف في المرحلة الاستئنافية بسبب دعاوى المخاصمة التي أقامها سلامة بحق الهيئات الاتهامية المتناوبة، والتي كُلفت بمتابعة الملف باستثناء الغرفة التي يرأسها القاضي حبيب مزهر والتي لم تلحقها دعوى المخاصمة من دون معرفة الأسباب، علما أن مصلحة الدولة اللبنانية تقضي بتحريك الملف ومتابعة التحقيق توصلا لإصدار القرار الظني ما يوجب البت بهذا الطلب بأقصى سرعة. وطلبت القاضية اسكندر من الهيئة المكلفة عدم رفع يدها عن النظر بالملف للأسباب الآتية:
1- إن دعوى المخاصمة أُقيمت ضد رئيسة الهيئة القاضية زلفا الحسن وثلاث مستشارات هن القاضيات: لمى أيوب ( قاضية أصيلة في الغرفة الثانية) ونانسي كرم و لارا كوزاك، وبالتالي فإن الدعوى قُدمت ضد هيئة لم تتشكل بعد وفقا للتنظيم القضائي، كما أنها لم تكن قد وضعت يدها بعد على الملف في تاريخ تقديم الدعوى، ما يعني أنه لم يصدر أي قرار عنها بوضع يدها على الملف، ما يجعل الدعوى منعدمة الوجود سندا للمادة 745 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تفرض تقديم الاستحضار بوجه الدولة ضد حكم أو تصرف صدر عن هيئة مشكّلة أصولاً، الأمر غير المتوافر في الدعوى الحاضرة.
2- إن قواعد التفسير السليمة توجب عدم تفسير النص الواضح والصريح كنص المادة 745 التي توجب تحديد القرار أو التصرف المشكو منه الصادر عن هيئة مشكّلة أصولا أو عن قاضٍ يُنسب اليه الخطأ الجسم، وتأكيداً على ذلك نصت المادة 749 على أن القرار المشكو منه(في حال صدور قرار بوضع اليد) يبقى نافذاً الى أن تقرر الهيئة العامة وقف تنفيذه.
3- أنه يقتضي تفسير الفقرة الأخيرة من المادة 751 (أصول محاكمات مدنية) وفقاً لنيّة المشترع من إدراج هذا النص وليس وفقاً لحرفيته، بحيث أن هذه الفقرة لا يمكن أن تُطبق بحق القاضي الذي لم يصدر عنه أي قرار أو تصرف يمكن أن يكون أساساً لإقامة دعوى المخاصمة، لأن الدعوى تكون معدومة بحقه تبعاً لانعدام وجود سببها وموضوعها.
4- أنه يقتضي متابعة النظر بالملف لانتفاء سبب التوقف عن النظر بها، وإلا لأمكن لكل مدعى عليه سيء النية وقف النظر في ملفه وعرقلة العدالة عن طريق تقديم دعوى المخاصمة بحق محكمة لم تتشكل بعد أصولاً، ولم تتخذ أي قرار أو يصدر عنها أي تصرف، كما تفرضه المادة 745(أصول مدنية).
5- إن تفسير النصوص القانونية على الوجه الصحيح المبيّن أعلاه يجعل من القضاة سدّاً منيعاً في وجه المتعسفين في استعمال طرق الطعن، ما يؤمن تحقيق العدالة وإظهار الحقيقة في ضوء تعذر تعديل هذه النصوص التي هي مدعاة لتناقض الاجتهاد حول تفسيرها وتطبيقها، وليكن القضاة الشرفاء السباقين في وضع حدٍ لعرقلة العدالة.
تجدر الإشارة الى أن محامي سلامة رفع دعوى مخاصمة بحق الرئيس أيمن عويدات ما حمله على تكليف القاضي سمير عقيقي بمهام الرئيس الأول الاستئنافي في الملف رقم 491/2023.
المصدر: النهار
Related Posts