المشهد السياسي.. هَل تغير حرب الشمال قَواعد اللعبة بين لبنان واسرائيل؟.. بقلم: العميد مُنذِر الايوبي

لم تكن الابتسامة بادية على محياه عند هبوط طائرته في مطار Dulles-الدولي واشنطن، فزيارة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون امن الطاقة آموس هوكشتاين الى كل من بيروت والكيان المحتل لم تحمل جديدآ، لا بل ان وقف التصعيد على الجبهة الجنوبية جُير الى اجنحة الهدهد؛ وإذ اتت اللقاءات مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي اضافة الى قائد الجيش جوزف عون في فحواها المختصر انعدام الضمانات لعدم اقدام رئيس حكومة العدو نتنياهو على شن حرب مدمرة على لبنان وهو ما يحضر له ويهدد به الاخير جهارآ اثر انتهاء عملية رفح وفق تقييمه..

تزامنآ، ومع ارتفاع منسوب التوتر سُجِل مغادرة حاملة الطائرات آيزنهاور CVN-69 البحر الاحمر متجهة نحو شرقي المتوسط، وفي نفس الوقت ابحرت حاملة الطائرات الاميركية الاضخم في العالم USS G.Ford ومجموعتها الضاربة باتجاه مرفأ حيفا ناقلة رسالة مزدوجة حماية اسرائيل- ردع ايران والجماعات المتحالفة معها وعلى رأسهم حزب الله اللبناني، فيما كان انسحابها من البحر المتوسط في كانون الثاني الماضي معكوسآ كمؤشر إيجابي لطهران، بأن واشنطن لا تريد مزيداً من التصعيد في المنطقة، ورسالة في آن لإسرائيل بضرورة عدم توسيع دائرة الصراع..!

في السياق، تأتي زيارة وزير دفاع العدو يوآف غالانت الى الولايات المتحدة بالتوازي مع نقل مجموعة الوية وقوات الاحتياط الى جبهة الشمال.. علمآ ان الزيارة لن تكون عقيمة فاللوبي اليهودي وشركات التصنيع الحربي مهدا ما سيفرض عَلى الرئيس بايدن لجهة اعادة تدفق شحنات السلاح الى اسرائيل، كما لَن يغيب عن المحادثات مع وزير الدفاع الجنرال لويد اوستن واركانه عرض الخطط العملياتية وتسريع جاهزية القوات هدف الهجوم على لبنان وتقويض بنية وقدرات حزب الله..!.

مِن جهة اخرى لَن تكون الزيارة المرتقبة لرئيس حكومة العدو الى واشنطن والقاء خطابه امام الكونغرس الاميركي بمجلسيه بتاريخ 24 تموز المقبل، رمزية بالمطلق، بَل هي تأكيد عَلى صلابة العلاقات بين البلدين، كما سَتكون فرصة هامة لاستعادة وحفظ ماء وجهه بعد ان نضب وذل في سُّحام حرب غزة، مع عرض رؤية حكومته لخطة “اليوم التالي” كذلك استراتيجية وآليات مواجهة حزب الله المهدد لأمن اسرائيل بشكل دائم والفارض تصحرا على الجليل الاعلى والحدود مع لُبنان بشرا وحجرآ..

إزاء ما تقدم، يَبدو ان الهجوم عَلى لُبنان سيكون امرآ محتمآ في فترة ما بين الزيارتين إثْرَ عودة غالانت مِن واشنطن، فيما القيادة الشمالية لجيش العدو تنتظر الضوء الاخضر عَلى المستوى السياسي؛ اما رفع الاستعداد والقدرة القتالية للحرب فمستمر مدار تواصل مع تقييم مشترك بالساعات بين قائد القيادة الشمالية، اللواء أوري جوردين، ورئيس قسم العمليات، اللواء عوديد باسيوك..!

في هذا الصدد يمكن الاشارة بعيدآ عن ضجيج التصريحات؛ الى تقييم المرحلة الحالية مِن قبل الكولونيل المتقاعد ساريت زيهافي مديرة مركز ألما Alma للأبحاث والتعليم المتخصص تحليل التحديات التي تواجهها اسرائيل مع لُبنان وتكتيكات حزب الله، “أنها على قناعة تامة بأن هجوما كبيرا وشيك الوقوع”. إذ ان “حزب الله يريد انهيار إسرائيل، وهو على استعداد للانتظار حتى يحين الوقت المناسب، ويتحلى بطول الأناة، وسيضرب في لحظة لا نتوقعها ولا يمكن التنبؤ بها”!..

كما ينصرف مركز (دادو) للدراسات العسكرية في مديرية العمليات التابعة لهيئة الاركان العامة في جيش العدو الى دراسة البث الرقمي وصور الاستطلاع الجوي لمسيرة (الهدهد) في اجواء مدينة حيفا واسباب عدم رصدها مِن اجهزة الاستشعار واسقاطها مِن قبل منظومة الدفاع الجوي المتعددة الارتفاعات والمَدياَّت، كذلك استعراض سيناريوهات الحرب الشاملة..!

بات السؤال اليوم لَيسَ هَل تندلع الحرب ام لا..؟ بَل هَل اتخاذ قَرار الحرب وبدئها سيغير قَواعد اللعبة ضد حزب الله ولبنان..؟

“المقاومة ستقاتل بلا ضوابط ولا قواعد ولا أسقف إذا فُرضت علينا الحرب” وفق ما ورد في كلمة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة خلال حفل تأبين احد قيادييه الشهيد طالب عبدالله (ابو طالب) ..! فيما اعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس الثلاثاء الماضي، “نحن نقترب للغاية من لحظة اتخاذ قرار تغيير قواعد اللعبة ضد حزب الله ولبنان” مستطردآ “في حرب شاملة سيتم تدمير حزب الله وسيتعرض لبنان لضربة قاصمة”…!

أخيرآ؛ قد ينزف الطغاة اذ فاتهم..؟ ما ورد في الآية الكريمة (فجعلهم كعصف مأكول) جعل الله اصحاب الفيل كورق الزرع اذ اكلته الدواب تتقطع اوصاله وتتفرق اجزاؤه- ..!

ـ الكاتب: العميد المتقاعد منذر الأيوبي

ـ عميد متفاعد، كاتِب وباحث.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal