لم تكن طائرة “الهدهد” الاستطلاعية هي الأولى التي إخترقت العمق الاسرائيلي وعادت بسلام بعدما أنجزت مهمتها بنجاح، لتقدم لقيادة المقاومة في لبنان معلومات ومعطيات وصورا هامة عن مواقع صهيونية حساسة عسكرية ومدنية وإستراتيجية، وهي لن تكون الأخيرة، حيث أن التطور التكنولوجي للمقاومة بات يمكنها من القيام بهذه الاختراقات من دون أن تحرك أنظمة الرصد والرقابة الاسرائيلية ساكنا.
ما كشفه حزب الله للاعلام عن “الهدهد”، وجه رسالة سياسية عسكرية مركبة مفادها أن التهديدات التي يحملها الموفدون الدوليون وآخرهم آموس هوكشتاين الذي قام بالمهمة الموكلة اليه يوم أمس، لم تعد تجدي نفعا وهي لن تبدل من موقف المقاومة في جبهة الاسناد خصوصا بعدما باتت قادرة على إستهداف مواقع حساسة ومؤلمة في الكيان المحتل عندما تدعو الحاجة لذلك، علما، أن المسيرة الاستطلاعية التي نفذت مهمات التصوير وجمع المعلومات يمكن إستبدالها بمسيرات إنقضاضية في أي وقت، وبالتالي وفي علم السياسة والعسكر فإن المنشآت التي تم تصويرها قد ضُربت من دون أن تُضرب، وفعلت فعلها في معنويات العدو.
شكل فيديو “الهدهد” أبلغ رد على بعض الأصوات في الداخل اللبناني والتي تتبنى الرواية الاسرائيلية وتحاول التقليل من شأن عمليات المقاومة، وساهم في الوقت نفسه ببث المزيد من الطمأنينة في البيئة الحاضنة، وأكد أن لدى هذه البيئة مقاومة تمتلك القدرات والامكانات والتطور التكنولوجي، كما تمتلك في الوقت نفسه الحكمة والحرص على تجنيب لبنان الحرب المفتوحة بقوة الردع وتوازن الرعب اللذان يمنعان العدو من إرتكاب أي حماقة غير محسوبة النتائج.
أكد فيديو “الهدهد” أن المقاومة ما تزال تمسك بزمام المبادرة ويدها هي العليا في هذا الاطار، وأنها رغم الدمار والخسائر وإغتيال القادة وإرتقاء الشهداء على طريق القدس، فإنها مقاومة غير عادية بل هي صامدة ولّادة تكشف ما لديها من إمكانات إستطلاعية وتشير الى ما تمتلك من إسلحة وصواريخ نوعية جاهزة للاستخدام في حال أقدم العدو على توسيع الحرب.
بالأمس جاءت طائرة “الهدهد” بنبإٍ يقين، وكشفت تخلّف أنظمة الرصد والرقابة لدى العدو، وضعف نظام القبة الحديدية ومقلاع داوود، وأظهرت حجم المأزق الاسرائيلي سياسيا عبر الخلافات والانقسامات داخل الكيان، وعسكريا بالجيش المأزوم والغارق في مستنقع غزة، والمرتبك في الضفة الغربية، والعاجز أمام ضربات المقاومة في اليمن والعراق، والمرعوب من جبهة الشمال حيث الابداع اللبناني المقاوم، وهو شيء جديد على العدو الذي لأول مرة في تاريخه يخوض حربا من هذا النوع وتمتد لتسعة أشهر في ظل فصائل مقاومة تزداد قوة وقدرة على المواجهة والصمود.
كل ذلك، ضاعف من حالة الارتباك لدى العدو الذي وصفت وسائل إعلامه ما نشر في فيديو “الهدهد” بالأمر الخطير جدا على إسرائيل، وإذ إكتفى الاعلام العسكري في حزب الله بنشر هذا الفيديو، فإن المعلومات تشير الى أن ما خفيَ كان أعظم وأن ما لدى الحزب من معلومات عادت بها مسيرات “الهدهد” كفيل بوضع شمال فلسطين وصولا الى تل أبيب في مرمى نيران المقاومة التي إقتبست إسم “الهدهد” من القرآن الكريم ومن سورة النمل تحديدا، عندما خاطب هذا الطائر (الهدهد) سيدنا سليمان بالقول: “أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ”، وفي ذلك تأكيد على دقة المعلومات التي جاءت بها الطائرة الاستطلاعية وغيرها.
Related Posts