لا يكاد لبنان يُودّع مندوباً ما لإحدى الدول التي تمتلك نفوذاً ما في لبنان لمتابعة ملف إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية حتى يستقبل مندوباً آخر، بشكل بدت فيه حركة المندوبين في خلال الأشهر الأخيرة أشبه بخط سير لا ينقطع، برغم أنّ استمرار توافد المندوبين إلى لبنان لم يُثمر إلى الآن أيّ شيء بخصوص الإستحقاق الرئاسي الذي ما يزال يدور ضمن حلقة مفرغة نتيجة عدم توافق أصحاب الشأن في الخارج على إخراج هذا الإستحقاق من عنق الزجاجة، وإنهاء الفراغ في قصر بعبدا المستمر منذ 31 تشرين الأول من العام 2022، عندما غادره الرئيس السابق العماد ميشال عون من غير أن ينجح مجلس النواب، في 12 جلسة عقدها لهذه الغاية، في انتخاب خلفٍ له.
آخر هؤلاء المندوبين الذين سيصلون إلى لبنان في الأسبوع المقبل، بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، هو أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، في زيارة مقرّرة سلفاً للمشاركة في نشاط إجتماعي تنظّمه منظمة “فرسان مالطا” في العاصمة اللبنانية بيروت.
لم يتسرّب أيّ شيء بعد عن المهمة التي أُوكل بها الزائر الفاتيكاني، ولا عن ما يحمل من طروحات وأفكار متعلقة بالإستحقاق الرئاسي، غير أن لقائه منتصف هذا الأسبوع بالموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، موفداً من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أشار متابعون إلى أنّ هذا اللقاء بحث في 3 أمور: الأول إطلاع بارولين على حصيلة زيارات لودريان الأربع إلى لبنان ومصير المبادرة التي طرحتها بلاده؛ والثاني إبلاغ بارولين بالمساعي التي تقوم لجنة السفراء الخمسة في لبنان لإنهاء الفراغ الرئاسي الذين من بينهم سفير فرنسا في بيروت؛ والثالث وضع بارولين في أجواء اللقاء الأخير للرئيسين الفرنسي والأميركي.
ومع أنّ سفارة الفاتيكان في بيروت باشرت إتصالاتها لترتيب مواعيد لقاءات بارولين، وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إضافة إلى لقاءاته مع القيادات الروحية المسيحية ونشاطاته الراعوية المختلفة، فإنّ السؤال الأبرز يدور حول ما إذا كان بارولين، بما تملك دولته من نفوذ معنوي على المسيحيين الذين يستظلون عباءة الفاتيكان عموماً والموارنة خصوصاً، سينجح في إقناع القيادات المسيحية، وضمناً المارونية، حيث فشل غيره، في تجاوز خلافاتهم حرصاً على ما تبقى من نفوذ وحضور لهم في لبنان والمنطقة، والتعاطي بعقلانية مع التهديدات الوجودية التي وضعت مصيرهم ومصير لبنان في مهبّ رياح التطورات والمتغيرات المتلاحقة في المنطقة والعالم.
لا جواب بعد على هذا السؤال، خصوصاً أنّ بارولين يزورلبنان في خضّم حركة مبادرات يتوالى سقوطها أو تعثرها واحدة تلو الأخرى، بدءاً من المبادرة الفرنسية إلى مبادرة كتلة الإعتدال الوطني إلى مبادرة اللقاء الديمقراطي، فضلاً عن مبادرة الرئيس برّي الحوارية التي ما تزال معلقة منذ الفراغ الرئاسي.
Related Posts