ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، ومما جاء فيها:” في موسم الحج الذي يشكل أكبر نسك الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون المسلمون (دولا وأفرادا وسياسات وبرامج) إلا بقلب ميادين الحق ونسكه، وفقا لمفهوم الله عن العبادة الدولية والحضارية والتأسيسية التي يجب أن تسحق وثن الطغيان والظلم والاستبداد العالمي، لذلك لا بد في السياق العبادي للحج من التكتل للنهوض بمشروع تحطيم ممالك الشرّ والطغيان والفساد، واليوم أكبرطاغية في هذا العالم واشنطن وحلفها الأطلسي وثكنتها الإقليمية إسرائيل، والمحنة اليوم غزة، والحج بمعناه الانتمائي يمر اليوم بغزة ونصرتها، والمحسوم بمضبط القرآن والسيرة النبوية: أنت قريب من غزة ونصرتها والدفاع عن إنسانها، أنت قريب من الله ونسكه الأكبر”.
واعتبر المفتي قبلان “أن الحج وفق منطق الله سبحانه وتعالى، أن تكون حيث أمرك الله لا إبليس، وحيث الحق لا الباطل، والمظلوم لا الظالم، ولا إبليس اليوم أكبر من واشنطن وحلفها الأطلسي ووثنها إسرائيل، ومن له صلة ولاء بإبليس فهو بعيد عن الله”.
وأشار أنه “لا حج لمن يدين بتبعية مذلة لقوة طاغية أو كيان ظالم، ولا حج لمن يسكت عن طغيان أباطرة الشر والفساد في هذا العالم، ولا حج لمن يعتقد أن الحج طواف وسعي وصلاة بعيدا عن معارك الحق التي يخوضها أهل الحق على طول جبهات الحق، ولا حج لمن لا يهدم صنم الظلم ووثن الباطل، ولا حج لمن يزود الشيطان الإسرائيلي شربة ماء، ولا حج لمن لا يمتثل دور النبي والامام علي بهدم أصنام القبائل والكيانات الظالمة”.
وتوجه المفتي قبلان لحجيج بيت الله الحرام الذين يتهيؤون للصعود الى عرفة بالقول: “أكثروا من التكبير والتهليل وتعظيم أمر الله وتمجيده، وهذا له محله من طبيعة أعمالكم وخيارات حياتكم، لذا أكثروا من التنديد بالظالم والفاسد ومن له صلة بظلمة هذه الأرض وميادينها، وارفعوا أصواتكم بالحق، وأغيثوا الحق، ولا حق أكثر عبادة اليوم من نصرة غزة وأهلها، وإنما العبادة ما طلب بها الله، ولا حج بلا قربان، وأعظم قرابين الله هذا العام قرابين جبهات غزة ولبنان واليمن والعراق والجمهورية الإسلامية وسوريا، ومن ينهض معهم وينتمي إليهم، ولا حج بلا تروك، وأعظم التروك حدا ترك تبعية أميركا وإسرائيل، ولا شيء أشد فتكا بالإحرام من الصمت المريب للمسلمين الذين لا يهمهم أمر غزة وفلسطين، ولا حج بلا عرفة، وعرفة اليوم جبهتنا، ميداننا، وأعظم القتال ما كان سحقا لإبليس وأصنامه، وهذا ما تفعله اليوم المقاومة في لبنان وغزة واليمن والعراق وغيرها، ولا تحليل إلا بالحق، ولا حق فوق صوت الحرب التي يخوضها محور المقاومة بوجه أميركا وإسرائيل، وأعظم النسك ما كان طوافا لله، وليس لله طواف أو قيام إلا بالجبهات التي تسحق وتُنهك المشروع الأميركي الصهيوني في هذه المنطقة وغيرها، وقد قال الله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}،وهذا أعظم مراد سبحانه وتعالى من نسك الحجّ في هذا العام الأكثر محنةً والأكثر شرفاً على الله سبحانه تعالى.
وأكد المفتي قبلان أنه “لا مساومة بالحق، ولا رجوع عن مواجهة الطغيان الصهيوني، ولا تنازل بالأمن السيادي، ولا صفقة بالمصالح الوطنية، ولا يمكن ترك ميزان المنطقة لشهيّة الذئب الأميركي والصهيوني، وأيام نتنياهو أصبحت قصيرة، وغزة تبتلع الجيش الأسطورة، وجبهة لبنان تضرب صميم هيكل الآلة الصهيوني وجيشها، وما تفعله المقاومة في هذه الحرب لم يفعله أحد من قبل، فيما اليمن تغرق أساطيل الأطلسي، وإيقاع الحرب بيد المقاومة، والأثمان السيادية التي تقدمها المقاومة تكفي لحماية لبنان ألف سنة، وذلك في سياق حماية لبنان الكيان والشراكة والمشروع الوطني، وهذا يفترض ملاقاة المقاومة بتسوية رئاسية سيادية بعيدا عن بازار المواقف الصهيونية، والجولات الوطنية أمر مهم للغاية ببعد النظر عن النتائج، والتلاقي ضرورة وطنية، والزيارات الأوروبية لعكار دونها ألف سؤال، والشلل الحكومي وسط الطاحونة الاجتماعية يساهم بتعميق الأزمات، والبلد بحاجة ماسة لحضور أمني، والاستثمار بالنزوح يهدد وجود لبنان، وعلى الحكومة إطلاق يدها بالتوصيات النيابية الخاصة بالنزوح، والتأخير جريمة بحق لبنان، ومحاربة العصابات والفوضى والجرائم لا تكون بالثكنات والتصاريح”.
وشدد انه “لا بد من إنقاذ المرفق العام وموظفيه وتطهير الإدارات من الفساد، ولا قيمة للبلد بلا موازنة صحية وخدمات اجتماعية كافية، والمستشفيات بيوت الله الثانية، لا بيوت الشياطين، ويجب أن تعود لله، والدولة هنا مسؤولة بشدة، وكل إصلاح دون ودائع الناس ليس إصلاحا، ولا نهوض للبلد دون حماية الأسواق وكف اليد الأجنبية وفتح ملف البلديات والمخافر ومغارات النفوذ الطاغية، ولبنان يغرق بالجرائم الجنسية والمخدرات والفجور وأوكار الملاهي الليلية، وواقع البلد والفضاء الإلكتروني مفتوح على أسوأ فضائح كارثية، والأجهزة والإدارات لا تقوم بواجباتها، وموجة الفقر التي تجتاح لبنان تعكس واقع الإفلاس السياسي والتعاسة الوطنية والأخلاقية، وما نريده وطنا جامعا لا مزارع طائفية”.
Related Posts