في 29 أيّار الماضي شهدت طرابلس فاجعة إنسانية ـ تربوية لم تعرفها من قبل، ولم تعرفها أيّ منطقة لبنانية أخرى، عما لقيت الطالبة نسرين عز الدين (13 عاماً) حتفها، بعد تعرضها لحادث باص كانت بداخله، إثر سقوطها من فجوة داخل الباص في أثناء ذهابها من منزلها إلى المدرسة، جرّاء اهتراء في أرضية الباص العائد لإحدى المدارس في المدينة، قبل أن تتعرض للدهس عن طريق الخطأ من قبل سائق الباص نفسه، لم تلبث بعد ذلك إلا أن فارقت الحياة متأثرة بجراحها.
كانت الصدمة كبيرة في المدينة كلّها، وليس عند أهل نسرين ورفاقها ومعلميها في المدرسة، وعند كلّ من كان يعرفها، وسط تساؤلات وحملات إستنكار وشجب حول دور الجهات المعنية المفترض بمراقبة الباصات المدرسية من أجل الحفاظ على سلامة الطلاب وعدم تعرض أيّ منهم للخطر، وعلى رأسها وزارتي التربية والداخلية، وأين هي الإجراءات المسبقة التي كان يفترض أن تتخذ لمنع وقوع هكذا كارثة، وأين هي الإجراءات اللاحقة التي اتخذت بهدف منع تكرار وقوع كارثة مماثلة، ومن يضع حدّاً لهذا الإستهتار بحقوق المواطنين الذي وصل إلى حياة الطلاب الذين في أغلبهم بمقتبل العمر وفي ريعان الورود؟
باستثناء توقيف سائق الباص للتحقيق معه، وما إذا كان الباص تعود ملكيته للمدرسة أم لا، وهل السائق هو مالك الباص أم أنه مجرد سائق عليه، فإنّ أيّ شيء لم يحصل في عاصمة الشّمال سوى بيانات إستنكار أصدرها نواب وفاعليات وجمعيات وهيئات، من غير أن تكلف أيّ جهة في المدينة، سياسية أو تربوية أو إجتماعية، نفسها لمتابعة القضية ومعالجتها، وأخذ العبر منها كي لا تتكرر.
بعد ذلك لفّ الصمت المدينة حول القضية وكأنّها ماتت أو وُضعت على الرفّ، أو جرى تناسيها كما حصل مع قضايا أخرى سابقة، إلى أن تقدّم 8 نواب، في 7 حزيران الجاري، أيّ بعد قرابة 10 أيّام على الحادثة، بسؤال إلى الحكومة حول الفاجعة التي ذهبت الطالبة نسرين ضحيتها، كان لافتاً أنً أحداً من نواب طرابلس لم يكن من بينهم، ما أثار تساؤلات وصدمة حول غيابهم وعدم مشاركتهم في توجيه السؤال إلى الحكومة مع أنّه يفترض أن يأخذوا القضية بصدرهم ويتابعونها حتى النهاية.
فقد تقدم النواب: نجاة عون، بولا يعقوبيان، حليمة قعقور، ياسين ياسين، شربل مسعد، إبراهيم منيمنه، فراس حمدان وملحم خلف، بسؤال إلى الحكومة في قضية وجوب إعادة فرض المعاينة الميكانيكية على وسائل النقل من مركبات وباصات، بعد وفاة الطالبة نسرين، وعلى وجه التحديد النقل المدرسي، كما التشدّد برقابة توفر شروط السلامة العامّة فيها.
ما سبق يدعو للتساؤل، وبجديّة: أين هم نوّاب طرابلس، وماذا يفعلون في البرلمان؟
Related Posts