الراعي يترأس مراسم رتبة السيامة الأسقفية للأب الجلخ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي والسيامة الأسقفية للأب ميشال الجلخ رئيسا لأساقفة نِصِّيبين شرفا للموارنة، على مذبح الكنيسة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”.

بعد الإنجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: “أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي ” (متى 16: 18) قال فيها: “على صخرة إيمان بطرس يبني المسيح كنيسته. فسمعان بطرس أعلن إيمانه بجوابه على سؤال يسوع: “وأنتم من تقولون إنّي هو” (متى 16: 15)، بقوله له من دون تردّد: “أنت هو المسيح إبن الله الحيّ” (متى 16: 16). فامتدح يسوع إيمان بطرس الذي هو عطيّة من الآب السماويّ. وسمّاه صخرة – أي Petros باليونانيّة، و”كيفا” بالآراميّة – يبني عليها كنيسته. وبعد قيامته، وعلى شاطئ بحيرة طبريّة، سلّم الربّ يسوع قيادة الخراف-النفوس التي افتداها بدمه، لمحبّة بطرس للمسيح: “يا سمعان بن يونا أتحبّني؟ نعم يا ربّ أنت تعلم كلّ شيء وأنت تعرف أنّي أحبّك! فقال له الربّ: “إرعَ خرافي” (يو 21: 17). على إيمان بطرس ومحبّته الكبيرة للمسيح، بنى الربّ الكنيسة، وسلّم رعايتها لبطرس. هو المسيح إيّاه يطرح عليك أيّها الأسقف الجديد ميشال السؤالين الأساسيّين: “من تقول أنت إنّي أنا؟” يقتضي الربّ جوابًا شخصيًّا، لا جوابًا من الكتب. جوابًا أنت تعيشه من خلال خدمتك وعيش دعوتك في حياتك الرهبانيّة. واليوم في خدمتك الجديدة كرئيس أساقفة شرفًا لنصيبين، وكأمين سرّ مجمع الكنائس الشرقيّة. من هو المسيح بالنسبة إليك اليوم وكلّ يوم؟ من هو المسيح بالنسبة إليك في صعوبة مهمّتك، ورتابة الحياة، وصعوباتها اليوميّة؟ من هو المسيح بالنسبة إليك، وأنت تواجه صعوبات الكنائس الشرقيّة الكاثوليكيّة العديدة، وأنت مدعوّ لتعطي جوابًا ومثالًا. فلا يسعك أن تشهد للمسيح من دون أن تنصت يوميًّا لصوت الآب. ويطرح عليك الربّ يسوع سؤاله الثاني ثلاث مرّات: “يا ميشال أتحبّني؟ وفي قرارة نفسك، أتستطيع أن تجيب ثلاثًا مثل سمعان-بطرس: “نعم يا ربّ، أنت تعلم كلّ شيء وأنت تعرف أنّي أحبّك” (يو 21: 17). يسألك هذا السؤال لأنّه يريد أن يسلّمك حبّه للخراف، بحيث يمرّ حبّه للنفوس من خلال قلبك وشخصيّتك وعملك ومعرفتك. فلا تنسى أنّك مدعوّ في وظيفتك الجديدة لهذه الرسالة”.


وتلا السفير البابوي  المونسينيور بورجيا البراءة البابوية التي ارسلها قدسة البابا فرنسيس في المناسبة، قال فيها: “الى ابني الحبيب ميشال الجلخ  من الرهبانية الانطونية المارونية امين سر دائرة الكنائس الشرقية  رئيس اساقفة نصبين للموارنة  شرفا، سلاما وبركة. ذاك الذي وضع صليبه جسرا فوق الموت لتغبر عليه النفوس من الموت الى الحياة، ولبس جسد الانسان الفاني وجعله منبع حياة لكل المائتين ، اليه نقدم محبتنا ذبيحة عظيمة ونرفع الاناشيد الغزيرة لانه قدم صليبه ذبيحة لله لكي يغنينا من الكنوز التي تتدفق منه .بهذا الايمان الثابت في المسيح، وفي حين نكرس نحن انفسنا للخدمة  الرسولية تجاه الكنيسة الجامعة في تامين خلاص النفوس، نوجه اذهاننا نحوك ايها الابن الحبيب يا من تقوم بمهمة دقيقة كامين سر دائرة الكنائس الشرقية متمتعا بالصفات الفكرية والإنسانية الملائمة . لذلك وبحكم سلطتنا الرسولية الكاملة نعينك رئيس اساقفة نصبين للموارنة شرفامع كامل الحقوق الممنوحة والالتزامات المتوجبة. يمكنك الحصول غلى على الدرجة الاسقفية خارج  مدينة روما من الاسقف الكاثوليكي الذي تختاره، مع مراعاة كامل القواعد الليتورجية وتعليماتها ، وذلك بعد ان تعترف مسبقا بقانون الإيمان وتقسم الولاء لنا ولخلفائنا من بعدنا وفقا لقواعد القانون الكنسي. واخيرا ايها الابن الحبيب نطلب الى الله ابي الرحمة بشفاعة القديسين شربل مخلوفوالكاهن انطونيوس الكبير ان يجعلك في عملك خبزا فطيرا من الاستقامة والحق، خمير خبز الحياة المكسور من اجل الإخوة كي يتغذوا منه ويتقووا ، متمما واجباتك بعدل ورحمة كي يعم الوفاق ويسود السلام بين الشعوب”.


بعدها جرت مراسم رتبة السيامة الاسقفية للاب الجلخ بوضع يد الكاردينال الراعي وتم الباسه الشارات الحبرية معلنا اياه اسقفاً جديداً على مذبح الرب.

وفي ختام القداس القى المطران الجديد كلمة شكر قال فيها: “في اللحظات المِفصَليَّة من العمر يتوقَّف المرء بُرهةً ليَجرُد ما عِنده من حسابات ويَستخلص منها العبرَ ربَّما، فتستوقِفُه مفارقات حياته ويرى ما لا يراه في زمنه العاديّ ويوميّاته الروتينيَّة. هذه هي حالي، إذ أرى اليوم، وبوضوح أشدَّ كيف أنَّ يد الربِّ رافقتني منذ البداية لتقودَني في أهمِّ القضايا كما في أصغر الأمور، وتخلِّصَني من عثرات الحياة وأضاليلها، ومن أوهام الدنيا العابرة وأباطيلها. لقد أكرمني الربُّ خير كَرَمٍ، وأنعم عليَّ أن أتذوَّق وأنظر باكرًا ما أطيب طعمَه وما ألذَّ العيشَ في سكناه. وإذا ما استعرضتُ طفولتي أقول إنِّي تعرَّفتُ، فتعلَّمتُ، بفضل أبي وأمِّي، أن أحبَّ الله أوَّلًا وآخرًا، وأعملَ برضاه. ومع دخولي الرهبانيَّة ومرحلة التنشئة تعرَّفتُ، فتعلَّمتُ، بفضل معلِّمِيَّ، أن أحبَّ رهبنتي ورسالتَها وسخاءها وروحانيَّتها وآباءها ونسَّاكها وقدِّيسيها. وفي مرحلة الدراسة في إيطاليا تعرَّفتُ، فتعلَّمتُ أن أحبَّ الكنيسة الجامعة بتنوُّعها وغناها وحضارتِها وعظمةِ فنونها المتعدِّدة. وفي بداية حياتي الكهنوتيَّة في روما تعرَّفتُ، فتعلَّمتُ أن أحبَّ الرهبانيّات الأخرى المارونيَّة منها والملكيَّة الكاثوليكيَّة والأرمنيَّة، وذلك بسبب تفاعلنا وبحكم مسؤوليّاتنا عن جماعاتنا وأديرتنا. وفي مدرسة الأنطونيَّة الدوليَّة عجلتون تعرَّفتُ، فتعلَّمتُ أن أحبَّ وأخدِم بيئتي وأهلي وأساتذتي وتلاميذي. وفي مجلس كنائس الشرق الأوسط تعرَّفتُ فتعلَّمتُ أن أحبَّ أخي الأرثوذكسيّ والإنجيليّ بحكم علاقاتي بهما وعَمَلِنا معًا. وفي الجامعة الأنطونيَّة تعرَّفتُ فتعلَّمتُ أن أحبَّ وأخدُم أخي الشيعيّ والسنِّيّ والدُرزي… وفي كلِّ هذا تعرَّفتُ فتعلَّمتُ أن أحبَّ كنيستي المارونيَّة وأفتخرَ بها وبتاريخِها وانفتاحها وإرثها وتضحياتها”.

وتابع: “لقد أصبَحَتْ صَلاتي مجبولةً بصلاة أخي الضعيف الأرثوذكسيّ في الحرب الروسيَّة الأوكرانيَّة، وأخي الأرمنيّ المهجَّر قسرًا من ناغورنو-كراباخ، وأخي الأرثوذكسيّ الشرقيّ المستضعَف في إرتريا وإثيوبيا، وأخي الكاثوليكيّ المقهور في سوريا، وأخي المسلم المشرَّد والمقتول في غزَّة. لقد أصبحت كلُّ قضيَّةٍ مُحِقَّة تعنيني لأنَّ المسيح يعنيني، وهو الحقُّ والحقيقة والعدل والعدالة. في أوكرانيا، كما في غزة وسوريا والعراق، وكما في كلِّ الحروب، إنسانيَّتُنا هي التي على المِحك. إنَّ الإنسان الذي فينا لا يُمكنُه أن يُغلق عينيه عمّا يدورُ حوله. كلّنا معنيُّون بالأخُوَّة وبالمحبَّة، لأنَّ الله محبَّة! خِبرة السنة الفائتة في دائرة الكنائس الشرقيَّة، المعطوفة على سنواتِ ثمانٍ سابقة، علَّمتني ألّا مَفرَّ من الاتِّكال على النفس، والتعاون الصادق من أجل خير أبنائنا وبناتنا في هذا المشرق، وعلَّمتني بالأخصّ أن أصلِّي من أجل شعوبنا وأوطاننا، ومن أجل كلِّ ضعيفٍ ومظلومٍ وفقيرٍ ومحتاج”.

وختم  الجلخ: “أخيرًا، أطلب منكم أحبّائي أن تسألوا الله معي ليُعينني في خِدمتي طالبًا شفاعةَ العذراء مريم سيِّدة لبنان، والقدِّيس مارون والقدِّيس أنطونيوس، وقدِّيسينا شربل ونعمة الله ورفقا، وطوباويِّينا أبونا يعقوب واسطفان والآتي تطويبه البطريرك اسطفان الدويهي. وإذا كان شعاري “الحياة عندي هي المسيح”، فإنَّني أصلِّي مِن أجلكم جميعًا لتكون لكم الحياة وافرةً بالرجاء والخير والبركة.

وبعدها تقبل المطران الجديد التهاني من الحضور.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal