تهديدات إسرائيل للبنان ممنوعة من الصرف!.. غسان ريفي

ثمة تنافس واضح بين المسؤولين الاسرائيليين على إطلاق التهديدات ضد لبنان، وعلى رفع السقوف، سواء بالدعوة الى تدمير البلد، أو ضرب بيروت، أو إستهداف المطار والمرفأ، وما الى ذلك من الوعيد “الممنوع من الصرف” في ظل توازن الرعب الذي تفرضه المقاومة التي تعتمد تكتيكا عسكريا يُظهر قدراتها تباعا ويُربك الحكومة الاسرائيلية التي تحتاج الى أن تحسب ألف حساب قبل الاقدام على أي حماقة من هذا النوع.

تشير المعطيات الى أن إسرائيل اليوم أعجز من أن تشن حربا مفتوحة على لبنان، خصوصا أنها ما تزال تتخبط في مستنقع غزة الذي يُغرقها شيئا فشيئا مع الفشل الذريع في تحقيق أهداف الحرب التي تحولت الى عبثية ومن دون جدوى، طالما أن المقاومة ما تزال على جهوزيتها، وطالما أن حماس تفرض شروطها على المقترحات المقدَمة وآخرها المقترح الأميركي للرئيس جو بايدن، وطالما أن الفلسطينيين ما يزالون يتشبثون بأرضهم ولم تنجح كل المخططات في تهجيرهم أو في دفعهم للتخلي عن المقاومة.

وبالتزامن، فإن الحرب على غزة وإمتدادا الى رفح تحولت الى مادة خلافية داخل الحكومة الاسرائيلية بين من يتبنى قرار وقفها معترفا بهزيمة إسرائيل، ويدعو الى الذهاب نحو المفاوضات لتحرير الأسرى، والى محاسبة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتيناهو على أكبر إحفاق عسكري للكيان في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي، وبين من يدعو الى الاستمرار بالحرب لقتل أكبر عدد من الفلسطينيين، في الوقت الذي يزداد فيه الغضب الشعبي في العالم أجمع على الكيان الغاصب وصولا الى إدانته وملاحقة الاسرائيلييين في بعض البلدان ووصفهم بالارهابيين.

لماذا يلجأ الاسرائيليون الى تهديد لبنان؟

لم يسبق لإسرائيل أن أطلقت تهديدات بهذه الكثافة، بل هي كانت تقوم بإعتداءاتها قتلا وتدميرا ومن ثم تعلن عن الأسباب التي دفعتها لذلك، لكن ما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده، وما بعد جبهة المساندة اللبنانية ليس كما قبلها، خصوصا مع الانجازات النوعية التي تحققها المقاومة اللبنانية والتي تعزز من قوة الردع.

ليس خافيا على أحد أن الحرب التي يخوضها العدو في رفح هي من دون أفق ولن تستطيع إسرائيل من خلالها تبديل المعادلات الميدانية أو تحقيق أي إنتصار يمكن تقديمه الى المجتمع الاسرائيلي الغاضب من الفشل غير المسبوق سياسيا وأمنيا وعسكريا.

كما أن مشهد الحرائق في الجليل الأعلى المحتل والاخفاق أكثر من مرة في إخماده، فضلا عن الاستهداف المباشر لقاعدة الضباط والجنود في منطقة الكوش بمسيرات إنقضاضية تجاوزت الرادارات التي لم تعط الأوامر لعمل صفارات الانذار، إضافة الى إسقاط المسيرات الاسرائيلية لا سيما تلك المتطورة منها والعمليات التي تنفذ على مدار ساعات النهار وتحقق أهدافها، كل ذلك، يؤكد أن المقاومة جاهزة ميدانيا وعسكريا وتكنولوجيا، وقادرة على مجاراة العدو والتفوق عليه بإختراق أجهزة الرادار لديه.

يدرك العدو ومن يقف خلفه داعما أو محرضا، أن الحرب مع لبنان لن تكون على غرار غزة ورفح، بل سيكون لها تداعيات كارثية على إسرائيل مع القدرات الكبيرة التي تُظهرها المقاومة وتستطيع من خلالها إستهداف كل المرافق الحيوية الاسرائيلية وتل أبيب وسائر المدن في فلسطين المحتلة في حال كان خيار نتنياهو الذهاب نحو توسيع الحرب.

لذلك، يلجأ الاسرائيليون الى إطلاق التهديدات للبنان بهدف حفظ ماء وجههم أمام المجتمع الصهيوني الذي بات يضرب كفا بكف على حال حكومته المنقسمة على بعضها بسبب الحرب، وعلى جيشه المأزوم ميدانيا ومعنويا بفعل الاخفاقات المتلاحقة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal