يحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن يكون الحوار أو التشاور أو أي تلاقي يمكن أن يحصل حول رئاسة الجمهورية كاملا من دون غياب أي من المكونات اللبنانية لكي يتخذ صفة الوطني.
وبات معلوما أن بري لن يقبل بالدعوة الى أي تشاور أو المشاركة فيه من دون حضور القوات اللبنانية لما تمتلك من تمثيل على الساحة المسيحية لا يمكن تجاوزه في الاستحقاق الرئاسي الذي يحتاج الى تضافر جهود جميع الأطراف لإنجازه.
من يقرأ مواقف الكتل النيابية يجد أن الأكثرية تؤيد التشاور أو تتعاطى معه بإيجابية من الثنائي الشيعي الذي كان أول من دعا اليه، الى التيار الوطني الحر الذي عبر رئيسه جبران باسيل أمس عن ضرورة التوافق على الرئيس كي لا تتم محاربته، الى تكتل الاعتدال الوطني الذي يسوّق للتشاور وقد انتهى الى عقدتين تتعلقان برئاسته والدعوة اليه وقد وضعهما في عهدة الخماسية لتذليلهما، الى كتلة اللقاء الديمقراطي التي يبدأ رئيسها النائب تيمور جنبلاط جولة تشاورية يستهلها بلقاء مع النائب باسيل في مقر التيار في ميرنا الشالوحي للتأكيد على أهمية التشاور، الى كتلة اللقاء الوطني والتوافق الوطني والطاشناق وعدد من النواب المستقلين وبعض التغييريين الذين باتوا على قناعة بأن لا بد من التشاور للوصول الى القواسم المشتركة التي تمهد الطريق لوصول الرئيس العتيد الى قصر بعبدا.
أمام كل هذه الايجابيات تتفرد القوات اللبنانية بالسلبية فتغرد خارج السرب الى جانب بعض حلفائها، حيث يجهد سمير جعجع من اجل تكريس نفسه وصيا على جزء من المعارضة برفع السقف السياسي في وجه الرئيس بري محاولا ضرب صلاحيات الرئاسة الثانية وكسر هيبتها، مشترطا مشاركة القوات في التشاور بعدم ترؤسه من قبل الرئيس بري، وصولا الى تأكيده “رفض إعطائه صلاحيات ليست له”.
بالأمس، يبدو أن الحقيقة التي أدلى بها الرئيس بري قد جرحت جعجع، خصوصا لجهة لفت نظره بأن “المكان الطبيعي لأي حوار أو تشاور هو مجلس النواب، وأن المجلس مؤسسة دستورية لها رئيس وهو المعني أيا يكن إسمه أن يترأس أي تشاور بين الكتل”، لافتا الى أن “جعجع يتحمل مسؤولية تعطيل إنتخابات رئاسة الجمهورية وهو لا يريد الحوار ولا إنتخاب الرئيس، وان رفضه الحوار هو للدفع نحو الفيدرالية كونه ما يزال يقيم في حالات حتما”..
لا شك في أن كلام الرئيس بري قد أعطى توصيفا دقيقا للواقع، خصوصا أن الجميع بات مستعدا للتشاور فيما العقدة تكمن عند جعجع الذي وإن إتهم بري بأنه يريد أن يكون المرشد الأعلى للجمهورية، في معرض رده على كلامه، لكنه بات كمن يتحدث مع نفسه بكلام ممنوع من الصرف بين الكتل النيابية الأخرى التي باتت تدرك بأن هناك من يراهن على متغيرات دولية وإقليمية تساعده في تنفيذ مخططاته، ويتبنى طرح أن تفكيك لبنان وإنهياره وإعادة بنائه أقل كلفة من ترميمه.
Related Posts