وضع وزير المهجّرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إصبعاً على الجرح، عندما اتهم، بعد طول صمت وتردّد، جهات معينة بأنّها تقف وراء مشكلة عدم عودة النّازحين السوريين المقيمين في لبنان إلى بلادهم، وأنّ هذه الجهات هي التي تقف وراء أزمة بقائهم في لبنان، وتضغط عليه من أجل تحمّله أعباءهم بحجج واهية.
فبعد أنّ وجّه أصابع الإتهام إلى الأوروبيين واعتبر أنّ “وعودهم في ما يتعلق بملف النازحين السوريين في لبنان هي وعود غير موثوقة”، حدّد جهتين تقفان وراء بقاء ما يزيد على مليوني نازح سوري في لبنان، وعرقلة عودتهم إلى بلادهم، برغم دعوات الجهات الرسمية اللبنانية للمساعدة في عودتهم إلى بلادهم.
الجهة الأولى التي اتهمها شرف الدين بعرقلة عودة النازحين السوريين هي المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي ما تزال ترفض تسليم الأمن العام اللبناني داتا النازحين الموجودين في لبنان والموجودة لديها، معتبراً أنّ “المشكلة الأساسية تكمن في هذا الرفض”.
أمّا الجهة الثانية التي تعيق عودة النازحين السوريين فهي الدول الغربية التي تتحمّل برأيه “مسؤولية ما آلت إليه الأمور في هذا الملف، بسبب الحصار الجائر الذي تفرضه على سوريا”، معتبراً أنّ “هناك مايسترو أميركي يفرض إملاءاته على الدول الغربية”، وأنّ الغربيين “يعملون على أساس أنّهم أوصياء على بيروت ودمشق، وهذه التصرفات مدانة”، مطالباً “بتعويضات عادلة لا سيما أنّ لبنان تحمّل أعباء هائلة على مدار 13 عاما”، مختتماً أن “عدم قدرة مؤتمر بروكسل على إيجاد حلّ، يؤكّد صوابية قرارنا بالتنسيق مع الدولة السورية، والتأخير لبناني وليس سوري”.
لا شكّ أنّ شرف الدين قد قام بتشخيص المشكلة على نحو واسع، إلا أنّه في المقابل لم يطرح تصورات ورؤى حول حلّ هذه الأزمة، ولا وضع خططاً وبدائل، كما لم يجب على أسئلة مهمة تتعلق في هذا السياق.
فإذا كانت المفوضية العليا لشّؤون اللاجئين لم تتجاوب مع الدولة اللبنانية وتسلم الداتا الموجودة لديها بخصوص النازحين السوريين، فما هو الحلّ، ولماذا تعامت الدولة طيلة السنوات السابقة وحتى اليوم عن اتخاذ أيّ تدبير بحق المفوضية التي تمارس عملها في لبنان وكأنّها دولة فوق الدولة.
وإذا كان فرض الحصار الغربي على سوريا هو ما يعيق عودة النازحين إلى بلادهم، فلماذا لا يُكسر هذا الحصار، وهل الإستسلام له هو الحل، وهل الإنتقام من النازحين وجعلهم “فشة خلق” والتشديد والتضييق عليهم، وممارسة العنصرية بحقهم والتحريض عليهم هو الحلّ الذي ينهي الأزمة؟
وإذا كان شرف الدين قد وصل إلى خلاصة أنّ مؤتمر بروكسل الذي عُقد مؤخراً لم يجد حلاً لأزمة النازحين في لبنان، ما يؤكّد برايه “صوابية قرارنا” بالتنسيق مع الدولة السورية، موضحاُ أن “التأخير” في هذا الشأن لبناني وليس سوريا، فما هو الحل، وهل بقاء الأزمة تراوح مكانها والتجاذب حول التواصل بين الحكومتين في بيروت ودمشق من شأنه من يعيد النازحين ويخفّف من عبئهم على لبنان؟
Related Posts