خاص ـ سفير الشمال
دخلت السياسة في ملف النفايات المفتوح على مصراعيه في الكورة ولا سيما في بلدة كوسبا التي تعاني من وجود مكب عشوائي قرب مجرى نهر قاديشا يستقبل نفايات البلدات المجاورة، وهو يحترق تارة، ويبث سمومه تارة أخرى، ويهدد المياه الجوفية والسلامة العامة على مدار الساعة، وذلك منذ نحو سنوات ومن دون أن تحرك القوى السياسية والنيابية في هذه المنطقة ساكنا حيال هذا الخطر البيئي.
قبل فترة رفع أهالي كوسبا وبلديتها الشكوى الى النائب أديب عبدالمسيح الذي كلف جمعية “كلنا أهل” التابعة له بإيجاد المعالجات الناجعة لهذه الأزمة البيئية، وبعد سلسلة إجتماعات ونقاشات مع المعنيين والبيئيين، إقترح النائب عبدالمسيح إقامة معمل لتسبيخ النفايات العضوية.
تأتي أهمية هذا الاقتراح أنه يفرض عمليات فرز حقيقية للنفايات، وتحويل العضوي منها الى معمل التسبيخ، والاستفادة من إعادة التدوير، ونقل العوادم التي تتجمع كل إسبوع الى مطمر للنفايات يمكن التعاقد معه، وبذلك يمكن حل هذه الأزمة بشكل مؤقت بإنتظار الخطة الوطنية الموضوعة من قبل وزارة البيئة التي ما تزال تحتاج الى الكثير من الوقت.
سارع النائب عبدالمسيح الى نيل موافقة مجلس بلدية كوسبا كونه السلطة التنفيذية، وعمل على إنجاز دراسة الأثر البيئي لمعمل التسبيخ، ووضعها بتصرف وزارة البيئة التي بدأت بدراستها.
واللافت أنه بدل أن تبادر التيارات السياسية الى دعم هذا المشروع، أطلق بعضها حملة غير مبررة ضده بهدف تشويه تفاصيله، حيث أشارت هذه الحملة الى أن الهدف من المشروع إقامة مطمر في كوسبا يستقبل نفايات المنطقة على كتف نهر قاديشا، وأن إنقساما في مجلس بلدية كوسبا يهدد المشروع، فضلا عن التحريض عليه، ما أوحى بأن بعض التيارات لا تستطيع إيجاد حلول لهذا المكب العشوائي، ولا تريد أن يأتي الحل من جهات أخرى، وذلك ضمن إطار النكد السياسي الذي يبدأ من القضايا اللبنانية الكبرى وصولا الى الأمور الداخلية والبلدية.
تؤكد المعلومات المتوفرة لـ”سفير الشمال” أن المشروع لا يتضمن مطمرا للنفايات وأن المجلس البلدي في كوسبا قد وافق على إنشاء معمل التسبيخ، وبالتالي فإن أي تدبير قد يتخذ في كوسبا هو أفضل بكثير من إستمرار هذا المكب المخيف الذي يستقبل نفايات البلدات المجاورة ما يرفع من نسبة المخاطر الناتجة منه.
وتقول هذه المعلومات إن النائب عبدالمسيح قدم كل الدراسات المطلوبة الى وزارة البيئة التي تعكف على دراستها لإتخاذ القرار المناسب، علما أن هناك مشروعا كبيرا لإنشاء معمل فرز للكورة بكاملها، إضافة الى مطمر كانت وعدت به شركات الترابة، والمشروعان ما يزالان في علم الغيب، وبالتالي لا يمكن الركون الى كميات النفايات التي تتجمع في البلدات ويجري رميها على حدود طرابلس، كما لا يمكن السكوت عن مكب عشوائي تتراكم فيه النفايات ويهدد الأمن البيئي في الكورة.
وتشير مصادر بيئية الى أن مشروع معمل التسبيخ من شأنه أن يخفف الكثير من الأضرار اللاحقة بالمنطقة وأن يتم الاستفادة منه على الصعيد الاقتصادي، مستغربة ما أسمته الهجمة غير المبررة على مشروع من شأنه أن يخدم أهالي كوسبا، داعية في الوقت نفسه الى التخلي عن الأنانيات وعن المكاسب والمصالح السياسية التي تبقى صغيرة جدا أمام سلامة أبناء الكورة الذين يحتاجون الى مشاريع واقعية وملموسة وليس لتنظير وإنعدام رؤية وتعطيل لا طائل منه.
Related Posts