أضاءت الفيحاءُ طرابلس سماءَ وطننا والعالم العربي، في ظلمة هذا الزمن الغريب، لتغدو من وطنِ الرسالة رسالةً للأمم عنوانها الفنّ والجمال وغايتها أن تكون للثّقافة عنوان فكان يوم الرابع والعشرين من أيار كما ليله نهارًا كاملًا ومساءً مشعًا ضمنَ احتفالات إعلان طرابلس عاصمة شمال لبنان عاصمة الثقافة العربيّة للعام2024.
رعى الاحتفال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالمساعي الدّؤوبة لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى. وبعد نهارٍ كاملٍ من الاحتفالات والمعارض والعروض، تكلّلَ الاحتفال الكبير بأمسية موسيقيّة، بدايةً مع جوقة الفيحاء بقيادة المايسترو باركيف تسلكيان و باقةً من أغاني التّراث الوطني والعربي والغربي، وختامًا مع جوقة فيلوكاليّا وفرقة عشتار ورفقا فارس والاوركسترا الوطنيّة للموسيقى الشرق-عربيّة بقيادة الأخت مارانا سعد، حيث قدّموا أعمال أبدعَ فيها كبارٌ من لبنان والوطن العربي كالأخوين رحباني، زكي ناصيف، زكريّا أحمد، سيّد درويش، مارسيل خليفة، شربل روحانا، إياد كنعان، جيلبير الرحباني وغيرهم…
تألّق المزيج الفنّي بين الدّيني والدّنيوي حتّى وصلَ أريجُ ثقافةِ الفنّ اللّبناني إلى عُمقِ قلوبِ الحاضرين وقد غمرتهم سعادةُ الحضور في قلبِ طرابلس، وهم من أهلِ السّعادة والسّيادة سفراء ووزراء ونوّاب أتوا يمثّلون عالمنا العربي الجامع، بصمةً منهم لفرحهم بإعلان الفيحاء عاصمةَ الثقافة. وكيف حالنا بالتّحدثِ عن أهلِ الصّحافة والفنّ والإعلامِ وقد عبّروا بحضورهم وكلامهم أنّ جُلَّ ما يحتاجه هذا الوطن هو هذه الواحةُ الفوّاحةُ التي تنثُرُ عبيرَ السّلام في أروقةِ الظّلام، وأريجَ الفنون بين روائحِ الحروب والآلام.
لم يعدْ الاحتفالُ أمسيةً فنيّة قَط، إنّما تعدّت حدودَ الانتظاراتِ كي تَبلُغَ أعماق النّفوس الحاضرة والغائبة والمتفرّجة أنّ لبناننا له صورة واحدة ألا وهي لبنانُ الجمال.
واختُتِم الاحتفالُ بعباراتٍ قلبيّةٍ لرئيسة فيلوكاليّا الأخت مارانا سعد حيث تحدّثت بإسم كلّ الحاضرين قائلةً: “أيّها الحضور الكريم، بحضورنا بينكم نشعرُ أنّنا من أبناء طرابلس وان طرابلس مدينة كلٍّ منّا. نباركُ اليوم َلطرابلس ولأهلها. نشكر معالي الوزير القاضي محمد وسام المرتضى على جهوده وتضحياته. نشكر الحاضرين من المطران أنطوان طربيه، المطران حنّا علوان، والشخصيّات الكبيرة من لبنان من وزراء وسفراء الدّول العربيّة. نحن بعيدون كلّ البعد عن عالم السياسة، وقريبون كل القرب من الله الجامع للقلوب والافكار في الجمال والفن والثقافة الّتي تجمعنا. عاشت طرابلس وعاش لبنان …
أمسية الفيحاء في تكليلها عاصمةً للثّقافة ما هي إلّا أولى خطوات التّحدي المثقّف والراقي لهدم سياسات الجهل والحروب والإنطلاق في البحث عن كل ما يرضي الله ويحفظ كرامة الأوطان والإنسان.
Related Posts