لم تنم الجمهورية الاسلامية الايرانية ومعها العالم كله ليلة أمس، بإنتظار ما ستؤول إليه عمليات البحث عن مروحية الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي والتي سقطت بين منجم سونقون وغابة ديزمار بمحافظة أذربيجان الشرقية، وعلى متنها رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، وممثل المرشد العام في أذربيجان الشرقية السيد محمد علي الهاشم، ومحافظ أذربيجان الشرقية مالك رحمتي وطاقم الطائرة، والذين عثر عليهم جميعهم صباح اليوم جثثا هامدة الى جانب حطام المروحية.
وكانت فرق الإنقاذ الايرانية التي إرتفع عددها خلال فترات الليل الى ٦٥ فريقا إنضم اليهم ٤٧ متخصصا روسيا في عمليات الانقاذ بالمناطق الجبلية الوعرة مع طائرتين روسيتين، ومسيّرة تركية من نوع آكينجي متخصصة بالتصوير الحراري، دخلت في سباق مع الزمن، لمعرفة المكان الذي سقطت فيه الطائرة الرئاسية الايرانية.
ومع ساعات الصباح وصلت فرق الانقاذ بعد جهود مضنية استمرت لأكثر من ١٤ ساعة الى مكان سقوط المروحية والذي لم يكن فيه أي أثر للحياة، حيث تحطمت المروحية وفارق كل من كانوا على متنها الحياة.
وكانت المروحية الرئاسية إنطلقت الى جانب مروحيتين كان على متنهما عدد من المسؤولين الايرانيين الذين شاركوا الرئيس رئيسي والوزير عبداللهيان في إفتتاح سدّ “عاراس” في أذربيجان مع الرئيس الأذربيجاني والمسؤولين هناك.
وقد وصلت المروحيتان الى تبريز بسلام من دون أن تصل المروحية الرئاسية التي فُقد معها الاتصال وغابت عن الرادار.
ساعات طويلة أمضتها فرق الانقاذ في التفتيش عن المروحية الرئاسية قبل أن تعثر على حطام الطائرة وجثامين ركابها، في ظل ظروف مناخية بالغة الصعوبة ما أفقدها أكثر من خمسين بالمئة من قدرتها على الحركة، خصوصا أن المنطقة التي سقطت فيها المروحية تتميز بتضاريسها الوعرة وصخورها وجبالها وأشجارها المتشابكة ومواقعها المترامية الأطراف والتي لا يمكن الوصول اليها إلا عبر السير على الأقدام.
أسئلة كثيرة ترافقت مع سقوط مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي، تتعلق بداية بجهوزيتها وقدرتها على الطيران في أجواء مناخية صعبة خصوصا أنها ليست من الطراز الجديد، وقد وضعت في الخدمة لأول مرة منذ ما يقارب الخمسين عاما، وماذا عن أجهزة الاتصالات والتقنيات الالكترونية فيها؟ وكيف وصلت المروحيتان الى تبريز بعد نحو ساعة من الزمن بعد إنقطاع الاتصال بالمروحية الرئاسية من دون معرفة ما حصل؟ ولماذا لم تسرع إحداهما الى إرسال الاشارات الى برج المراقبة للابلاغ عن الحادث؟، وأين هيئة الطيران الايرانية، وماذا كان دورها؟.
كما ذهبت هذه الأسئلة بعيدا لجهة: هل ما حصل كان بفعل الأجواء المناخية الصعبة وانعدام الرؤية بسبب كثافة الضباب؟ أم نتيجة عطل فني طرأ على المروحية ولم يفلح قائدها في التعامل معه بشكل صحيح؟ أم أن ما تعرضت له المروحية الرئاسية كان نتيجة عمل إرهابي سواء بالتشويش على أجهزة الطائرة، أو استهدافها عبر الاقمار الاصطناعية ضمن الحرب الالكترونية، أو الاعتداء عليها بصاروخ؟.
وفي حال كان هذا الأمر واردا فمن هي الجهة التي قامت بهذا الاستهداف؟ وهل لاسرائيل أي يد في هذا الاستهداف، خصوصا أنها على علاقة وطيدة جدا سياسيا وعسكريا وإقتصاديا مع أذربيجان؟.
سارعت إسرائيل بعد ساعة واحدة على إنتشار خبر هبوط مروحية رئيسي الى التأكيد بأنها غير مسؤولة عن تحطمها؟ ما ضاعف من الشكوك تجاهها، خصوصا أنها كانت اول من تحدث عن فرضية تحطم المروحية، فضلا عن أن إيران وإسرائيل في حالة حرب على خلفية العدوان الصهيوني على غزة؟..
اللافت، أن إيران تعاطت مع هذه الأزمة الكبرى بعقلانية، فكانت تطمينات من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي للايرانيين، بأن الدولة وأجهزتها قائمة لمواجهة أي طارئ، كما عقدت إجتماعات لخلايا الأزمات لمتابعة كل الأمور الداخلية ورصد نتائج عمليات الانقاذ.
ويبدو واضحا أن إيران قد جهزت نفسها لكل الاحتمالات أو السيناريوهات، خصوصا أن الدستور الايراني قد أوجد حلولا لكل حالات الطوارئ، ففي حال غياب رئيس الجمهورية أو وفاته فإن نائب الرئيس محمد مخبر الذي ترأس الاجتماعات الوزارية والأمنية يوم أمس سيحل مكانه بعد موافقة المرشد الأعلى، على أن يصار حسب الدستور الى تشكيل لجنة قوامها نائب الرئيس ورئيس مجلس النواب ورئيس الهيئة القضائية لاجراء إنتخابات رئاسية خلال خمسين يوما.
أما في الجانب الأمني، فإن الأجهزة الأمنية الايرانية قد باشرت تحقيقاتها في تحطم طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي، ومن المفترض أن تعمل على سحب الصندوق الأسود ومعرفة كل الملابسات، فإذا كان الحادث قضاء وقدر وبفعل خلل فني، فإن الأمور ستأخذ مجراها الطبيعي، أما اذا كان نتيجة إستهداف إرهابي إسرائيلي أو غير ذلك فعندها ستبني القيادة الايرانية على الشيء مقتضاه!..
Related Posts