وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة بخصوص النزوح جاء فيها:
“أيها اللبنانيون أفراداً وقوى وقيادات دينية ووطنية: تعلمون أنّ قضية النزوح قضية حياة أو موت، ولعبة الإغراق بدأت دولية إقليمية وما زالت محبوكة دولياً بشدة، والمشكلة بمقدار ما هي كبيرة بمقدار ما هي سهلة بمقياس الإرادة الوطنية الحاسمة، والفتنة التي قادتها واشنطن وبروكسل وبعض القوى الإقليمية في سوريا، سبب كارثي لما نعيشه في لبنان وسوريا، ولا يمكن تجاهل النزوح ولا الصبر على آثاره المدمّرة، والخلاص منه يحتاج إلى مسؤولية وطنية بعيداً من لغة الحقد والأساليب الإعتباطية، وأي خطأ في هذا المجال يضعنا في قلب أزمة وطنية وإنسانية خطيرة، والقضية ليست قضية يد عاملة بمقدار ما هي كارثة ديموغرافية وكوابيس جنائية وموجة فظاعات وقتل وفلتان اجتماعي وفوضى وتهديد مهني واقتصادي ومجاميع إنهاكية للبنى التحتية والخدمية وسط أزمة اقتصادية تنخر أعمدة وجود لبنان.
والمحسوم أن النزوح اقتصادي وواقع سوريا الأمني ممتاز في الأغلب المطلق، ولا بدّ من ترحيل النزوح الاقتصادي وتنظيمه وفقاً للمصالح الوطنية وطبقاً للمصالح المشتركة بين بيروت ودمشق. وخرائط واشنطن وبروكسل في هذا المجال تريد إغراق البلد بحرب ديموغرافية وجنائية ومهنية ووجودية، فضلاً عن مشاريع واشنطن بالإستثمار الإرهابي، وهذا يفترض معالجة أزمة النزوح فوراً وبعيداً عن البازار السياسي.
والمطلوب من المؤسسات الدستورية والقرار السياسي تدشين برنامج وطني للخلاص المنظّم من واقع النزوح على قاعدة “الحل هنا وليس في الخارج”، وهذا يمرّ بقمع مفوضية النازحين التي باتت دولة فوق الدولة وتتعامل كمصدر للوثائق السيادية وكملاذ للجمعيات المرتزقة التي تخوض حرباً شاملة اتجاه لبنان كدولة وطوائف ومصالح وطنية. واليوم النزوح يجتاح كل المهن وكوارثه بادية بكل متر من الأرض اللبنانية وهو يمارس دوره الفوضوي بطريقة خطيرة ويضع البلد كله في خطر وجودي داهم، وهو يقضي بشدة على اليد اللبنانية العاملة وسط بلد لا يمكنه الخروج من مأزق الفقر الشامل، إلا باعتماد اليد اللبنانية العاملة، وما نحتاجه الآن عمل وطني فوري وقرارات شجاعة، والإتحاد الأوروبي وواشنطن في هذا المجال يقودان سيناريو خراب يطال لبنان بديموغرافيته ومصالحه الوطنية وبنيته التحتية وواقع وجوده، ولبنان الذي كافح للخروج من أسوأ حصار تاريخي قادر على تدبر أموره بعيداً من عسل بروكسل وواشنطن المسموم، وقصة حارس البحر ولعبة العبودية لأوروبا يجب أن ننتهي منها فوراً، وأوروبا والعالم لا يفهمان إلا لغة فتح البحر، والتوسّل لغة الضعيف، ولا يجوز أن نكون ضعفاء في قضية تهدد أصل وجود لبنان، والضرورة الوطنية تقضي ببدء تنظيم الخلاص من النزوح ومباشرته فوراً، وهذا يلزم الدولة والقضاء والأجهزة المختلفة بملاحقة كارتيل السماسرة وبعض السياسيين والإقتصاديين الكبار، على أنّ كثيراً من البلديات والكارتيلات متواطئة في هذا المجال وتعيش على الرشوة والمنافع وكذا بعض النافذين والسياسيين، والدكاكين بهذا المجال عابرة للطوائف، وقضية الترحيل يجب أن تكون على رأس القائمة والسكوت عن الفظاعات التي يرتكبها النزوح يهدّد أصل وجود لبنان، والتنسيق مع دمشق ضرورة للبنان وسوريا، وسوريا ضحيّة كما لبنان ضحية، ولبنان ليس أرضا سائبة، وخرائط بروكسل وواشنطن بخصوص النزوح أكبر عدو للبنان والتأخير تسقيط للبنان وإنهاء لوجوده.
وبسبب المخاطر العظمى أقول: الإستثمار بالنزوح خيانة والقضاء اللبناني والبلديات والنقابات والإعلام وكارتيلات الأسواق وباقي الكيانات المعنية مقصرة جدا ومدانة، والمؤسسات الأهلية والتجارية والإعلامية والحقوقية مطالبة بوقفة وطنية بعيداً من خيانة البلد ومصالحه الوطنية، والقرار السياسي مطالب بتنفيذ مشروع وطني ما بين بيروت ودمشق للخلاص الفعلي من النزوح بعيداً من إملاءات بروكسل وواشنطن، ولا مصالح فوق مصالح لبنان الوطنية، والدولة اللبنانية مسؤولة بشدة عن عدم إعداد داتا النزوح، ولا بدّ من فتح البحر كعنوان للمواجهة، وحراسة البحر من أجل أوروبا خيانة وطنية، واليوم نحن في قلب الهاوية ولا يمكن المقايضة بموضوع النزوح أبدا، وحفنة المساعدات البخسة لا تعيد البلد ولا تنقذه، ومن الآن يجب تنفيذ سياسة منع أي نازح من أي عمل في لبنان على الأرض وليس على الورق والإعلام، والتجار والأشخاص والمؤسسات التجارية التي تعتمد النازح بدل اللبناني، ترتكب أسوأ جريمة وطنية ويجب إنزال أشد العقوبات في حقّها والقضاء في هذا المجال مسؤول بشدة، ودمشق ليست بعيدة عن بيروت، وفرض القانون السيادي بخصوص النزوح يعتبر أكبر واجب وطني للدفاع عن أصل وجود لبنان”.
Related Posts