أكد وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري الخوري، أنه “لطالما سعت وزارة العدل وفقاً للدور والمسؤوليات الملقاة على عاتقها الى تأمين الحماية اللازمة لأطفال لبنان بدعم من المجتمع الدولي وبالتنسيق مع مختلف الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، إيماناً بمفهوم الحماية المتعدد الأبعاد الإنسانية والمجتمعية والقانونية”.
كلام وزير العدل جاء في خلال احتفال أُقيم ظهرا، في “قاعة 4 آب 2020” في وزارة العدل التي أطلقت، في إطار مشروع يموله الاتحاد الأوروبي وتنفذه منظمة اليونيسف، أداةً تعليمية إلكترونية شاملة حول “عدالة الأحداث” لتعزيز قدرات القضاة في مجال قضاء الأحداث، في حضور الى الوزير الخوري، نائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان مارتن سكيلف، ممثل منظمة اليونيسف في لبنان إدوارد بيجبيدر، المدير العام لوزارة العدل القاضي محمد المصري، رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة إسكندر، رئيسة هيئة التشريع والاستشارات القاضية جويل فواز، رئيسة هيئة التفتيش القضائي بالإنابة القاضية سحر شواح، ومدّعين عامين وقضاة التحقيق الأوَل في المحافظات وحشد من القضاة.
ويساهم هذا التدريب عبر الانترنت في تعزيز العدالة الصديقة للطفل ونظام حماية الأطفال ومصالحهم الفضلى عندما يكونون في تماسٍ مع القانون، ما سيمكن القضاة من الوصول الى مورد تعليمي باللغة العربية، متخصص وموحد وشامل حول قضاء الأطفال، بحيث يقدم هذا البرنامج المبتكر مقاطع فيديو وأنشطة تفاعلية وعناصر وسائط متعددة أخرى تستند في محتواها الى الإطار القانوني اللبناني وكذلك الى المبادىء الدولية لقضاء الأطفال.
استُهل الاحتفال بالنشيد الوطني، ثم ألقت القاضية رزان الحاج شحادة كلمة ترحيبية، أشارت فيها الى أن “التطورات التي يشهدها العالم اليوم في المجالات القانونية والقضائية والتحديات الكبرى التي تواجهها العدالة في ظل توالي الأزمات تفرض على المعنيين مواكبة المستجدات والأنماط الحديثة القائمة على استثمار التكنولوجيا والثورة الرقمية للنهوض بمستوى الأداء”. وقالت: “في هذا السياق يسرّ وزارة العدل أن تُطلق اليوم باكورة أعمالها التدريبية الإلكترونية عبر تقديم هذا البرنامج ليُضاف الى موارد المعلومات المتعلقة بعدالة الأحداث بمختلف صورها، وهو يتّسم بمحتوى وتصميم عالي الجودة يواكب في حداثته سهولة الاستخدام وسلاسة التنقل فيه ويحافظ في أصالته على عمق المضمون وخصوصية المستخدم”.
بعدها، تمّ عرض فيديو يُعرّف بهذا البرنامج ويعرض كيفية استخدامه، على أن تعمد الوزارة الى وضعه بتصرف القضاة لاحقاً بعد بدء التسجيل مطلع الشهر المقبل.
ثم تحدث مارتن سكليف، فاشار الى أن الاتحاد الأوروبي” يواصل دعم الجهود الحاسمة لإصلاح قضاء الأطفال في لبنان، وقد ساهمنا في تطوير هذا البرنامج الإلكتروني المهم للغاية، بعد الدعم السابق لإنشاء غرف صديقة للطفل داخل بعض قصور العدل”، معلنا أن “الاتحاد الأوروبي يلتزم متابعة دعم قطاع العدالة مع استعداده لتوسيع مستوى مساعدته، طالما أن السلطات اللبنانية تلتزم الإصلاح”.
وأشار إدوارد بيجبيدر في كلمته الى أن “الأطفال الذين هم على تماسٍ مع القانون هم من بين الأطفال الأكثر ضعفاً في المجتمع، وقد وصلوا الى هذا الوضع لأننا كمجتمع خذلناهم في مكان ما، وأنه منذ العام 2018 دخلنا في شراكة مع وزارة العدل والاتحاد الأوروبي لتعزيز وتحسين نظام قضاء الأطفال في لبنان لتلبية احتياجات الأطفال الذين هم في تماسٍ مع القانون، ولجعل نظام العدالة أكثر ملاءمة للأطفال وجعله يتماشى مع المعايير الدولية، وبينما نحتفل بهذه النتائج فإننا لا نزال ملتزمين بمواصلة العمل من أجل نظام قضائي للأطفال يمكن تكييفه وتركيزه حول احتياجات الأطفال وحقوقهم، والتقليل من خطر إلحاق الأذى بهم أثناء إجراءات العدالة”.
وتحدث الوزير الخوري، فلفت الى ان لبنان “كان في طليعة الدول التي صادقت على اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام 1989، وقد تعهد بموجبها بضمان تحقيق جميع حقوقه وحصوله على مختلف الخدمات اللازمة لنموه الكامل وحمايته من جميع أشكال العنف وتأمين مشاركته الفاعلة في إجراءات قضائية تراعي ظروفه عند تماسه مع القانون بأي سياق كان. وانطلاقا من ذلك، لطالما سعت وزارة العدل، وفقا للدور والمسؤوليات الملقاة على عاتقها الى تأمين الحماية اللازمة لأطفال لبنان بدعم من المجتمع الدولي وبالتنسيق مع مختلف الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، إيمانا منها بمفهوم الحماية المتعدد الأبعاد الإنسانية والمجتمعية والقانونية. وهي في سعيها هذا الذي أصاب أحيانا وأخفق بطبيعة الحال أحيانا أخرى، أسّست لرؤية جديدة لنظام العدالة الخاص بالأطفال يحقق لهم المساواة في وصولهم الى عدالة صديقة وآمنة تؤمن حقوقهم وتحفظ مصلحتهم الفضلى عند تماسهم مع القانون بأي موقع كانوا. بيد أنه لا يخفى على أحد ان نظام العدالة الخاص بالأطفال هذا يواجه اليوم أسوأ أزماته: أزمة جدوى تكاد تعصف بفائدة التمسك به أمام مشاهد القتل والتشويه والتجويع والتشريد الصادمة للأطفال والتي تجعل من أية مبادرة بمثابة انفصال عن الواقع، أزمة اقتصاد تجعل ما يفوق 80 بالمئة من أطفال لبنان في فقر متعدد الأبعاد وما نتج من ذلك من ارتفاع غير مسبوق في حالات العنف وسوء المعاملة وعمالة الأطفال سيما أسوأ أشكالها وزواج القاصرات والتسرب المدرسي وسواها… أزمة تمويل تكاد تطيح بمقومات العمل اليومي، أزمة نزوح وما يترافق معها من انتهاكات يومية لحقوق الأطفال وسواها من الأزمات”.
وقال: “ونحن في وزارة العدل، بين تحدّ وآخر وبين أزمة وأخرى، نتمسّك بالقليل المتاح من الإمكانات والكثير من الايمان بأحقية قضية الطفل والطفولة التي تثنينا عن الاستسلام وتمدّنا بالقوة لمواصلة ما بدأنا به من تنفيذ برامج وسياسات وخطط استجابة، وفي هذا السياق يأتي لقاؤنا اليوم. فهو يندرج ضمن إطار اتفاق التعاون الموقع مع منظمة اليونيسف حول عدالة الأحداث بتمويل من الاتحاد الأوروبي وقد نفّذ بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت. ويتوجه هذا البرنامج الى السادة القضاة لتعزيز معرفتهم بحقوق الاطفال وبالممارسات الفضلى الواجب اعتمادها في الاجراءات القضائية ليتلاقى بذلك مع الملاحظات الختامية للّجنة الدولية لحقوق الطفل بشأن التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الرابع والخامس للبنان التي أشارت صراحة الى تعزيز قدرات قضاة الأحداث والنيابة العامة في ما يتعلق بعدالة الأحداث”.
اضاف: “تكمن أهمية هذا البرنامج انه يلاقي القضاء اللبناني في سعيه الدائم الى مواكبة التطور في الانظمة القانونية الدولية خاصة في عصر التحول الرقمي الذي نعيشه اليوم، لينضم بدوره الى الجهود التي تبذلها وزارة العدل في هذا الإطار ولعل أهمها تلك المتعلقة بصدور المرسوم التطبيقي للقانون 81/2018 حول المعاملات الالكترونية، فضلا عن كونه يأتي ضمن إطار سياسة التدريب المستمر للسادة القضاة حول مفاهيم حقوق الانسان بشكل عام وحقوق الأطفال بشكل خاص بهدف تعزيز فاعلية وكفاية النظام القضائي وصولا لتحقيق أهداف الدولة ورسالتها الاساسية المتمثلة في إقامة العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات”.
وتابع: “إن وزارة العدل، وإذ تأمل ان يحقق هذا البرنامج الغاية المتوخاة منه في تعزيز مفهوم حماية الأطفال وضمان حقوقهم، تعوّل على استكمال تنفيذ سائر البرامج المنضوية ضمن إطار شراكتنا مع منظمة اليونيسف بدعم من الاتحاد الأوروبي وسائر الأصدقاء من المجتمع الدولي لا سيما إعادة تأهيل وإدماج الأحداث وتشجيع التدابير البديلة، وتتطلع بشكل خاص الى تكوين فريق العمل المعني بعدالة الأحداث باعتباره المدماك الأساسي في إرساء نظام عدالة صديق للاطفال”.
وختم مؤكدا أن “هذا العمل لم يكن ليرى النور لولا التزام أعضاء الفريق المكلف به سواء من قبل الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسف او من قبل وزارة العدل والجامعة الأميركية في بيروت، الذين عملوا بجهد لتحقيق الأهداف التي صبا اليها المشروع أملا بإحداث فرق ايجابي لصالح الأطفال في لبنان، كما أتوجه بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسف على دعمهم المستمر وحرصهم الدائم على تعزيز حقوق الأطفال في لبنان وكذلك أشكر مركز التواصل والعمل المجتمعي في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت طامحين ان يكون هذا البرنامج باكورة نشاط مستدام. وعلى امل لقاء قريب، اشكر لكم حضوركم وطيب استماعكم”.
تجدر الإشارة الى أن البرنامج يتكون من أربعة محاور: الأطفال ونظام العدالة، الطفل المعرّض للخطر، الأطفال الضحايا والشهود والطفل المخالف للقانون.
Related Posts