ألقى العلامة السيّد علي فضل الله خطبتي عيد الفطر من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بعدما أمّ المصلين الغفيرة ومما جاء في خطبته السياسية: “يأتي هذا العيد في ما يستمر العدو الصهيوني بممارساته العدوانية بحق الشعب الفلسطيني عبر مجازره وسياسة التجويع التي يتبعها، من دون أن يبدي هذا العدو أية رغبة بالالتزام بقرار الأمم المتحدة الذي يدعوه إلى وقف إطلاق النار أو عبر المفاوضات”.
وأضاف: “يجري ذلك في ظل صمت عالمي إلا ما ندر على جرائم هذا العدو وارتكاباته، وإذا كان من أصوات باتت ترتفع في مواجهة هذا العدو فهي لا تزال تقف عند الضغط الكلامي الذي لم يصل إلى حد الضغط الرادع لهذا الكيان، ما يجعل هذا العدو يتابع سياسته في الإطباق على غزة ومتابعة عدوانه عليها سعياً منه لإنهاء الوجود الفلسطيني فيها.
وتابع: “نحن في هذا اليوم نجدد اعتزازنا بصمود الشعب الفلسطيني وصبره ومقاومته رغم الجراح الذي يعاني منها والآلام التي تصيبه، ما يربك من مخططات هذا العدو، ويجعل هذا الشعب جديراً بالحياة والحرية ومستحقاً للنصر، في الوقت الذي ندعو فيه الدول العربية والإسلامية إلى أن تخرج عن صمتها ولا مبالاتها حيال ما يعاني منه هذا الشعب، فمن واجبها الوقوف معه انطلاقاً من مسؤوليتها وما تمليه عليها عروبتها وما يفرضه إسلامها، وأن تتنبّه لمخاطر أن ينجح هذا العدو في تحقيق أهدافه واستعادة تفوقه وقدرة الردع التي فقدها بعد الهزيمة التي تعرض لها في 7 أكتوبر”.
وجدد دعوته للشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم أن يستمروا في مساندة الشعب الفلسطيني، وعدم تركه وحيداً يستفرد به الكيان الصهيوني.
وحيا “كل الأصوات والأقلام ومن يبذل الدم ويقدم التضحيات نصرة ومساعدة لهذا الشعب، وندعو في الوقت نفسه إلى العمل سريعاً لإيقاف النزيف الذي لا تزال تعاني منه العديد من الدول العربية والإسلامية فيما نشهده في السودان وليبيا وسوريا والصومال وغيرها، ما يضعف من قدرات هذه البلدان ويهدد كياناتها”.
وتوجه بالقول إلى دعاة الإصلاح في العالم العربي والإسلامي، “أين دوركم وإلى الذين يتقاتلون متسائلا ألا تعون ما تفعلون ولحساب من يحصل كل هذا الاستنزاف لقدراتكم”.
وتوقف عند الوضع اللبناني “حيث يستمر فيه العدو الصهيوني باستهدافه لقرى وبلدات الجنوب والبقاع، فيما يستمر قادته بالحديث عن استعداد لشن حرب واسعة على لبنان، وحيث يواكب ذلك تقارير عن سيناريوهات للحرب الواسعة”.
ورأى أن ذلك يندرج في سياق التهويل ت من قبل هذا العدو، “الذي يعي مكامن القوة في هذا البلد وأن معركته معه لن تكون نزهة وهو يحسب لها ألف حساب، لكن هذا لا يعني أن ننام على حرير، بل يدعو إلى الجهوزية لمواجهة ذلك إن على الصعيد العسكري أو الدبلوماسي لمنع أية تداعيات قد تحصل من وراء ذلك”.
وقدر الحكمة “التي لا تزال تتحلى بها المقاومة في مواجهة ما يجري وأخذها في الاعتبار واقع هذا البلد وظروفه، فهي لا تغامر بهذا الوطن وشعبه.. في الوقت الذي نشدد فيه على تحصين الساحة الداخلية”.
وطالب القيادات الدينية والسياسية بأن “تتجنب الخطاب الانفعالي والموتر، فليس الوقت وقت مناكفات وصراعات وإثارة حساسيات وتصفية حسابات، بل للتعاون في مواجهة عدو لا يستهدف طائفة أو مذهباً أو موقعاً سياسياً بل يستهدف الوطن كله مدينا الجريمة التي حصلت أخيراً في جبيل، وأودت بأحد أبنائها”، مشيدا ب”السرعة التي قامت بها القوى الأمنية في كشف أهداف هذه الجريمة، منعاً للفتنة التي كادت تحدث من وراء ذلك وعدم السماح للمصطادين في الماء العكر أن يستفيدوا من ورائها”.
وجدد الدعوة للبنانيين إلى الوعي الدائم لمخاطر التسرع في قذف الاتهامات والكف عن هذا الأسلوب من الاتهام السياسي قبل التحقيقات، والاحتكام إلى القضاء النزيه العادل، ليتبينوا، حتى لا يصيبوا قوماً بجهالة فيصبحوا على ما فعلوا نادمين، وحتى لا يقع البلد في فخ الفتنة ويتحول إلى لقمة سائغة بيد أعدائه.
ودعا القوى السياسية ب”العمل إلى معالجة الأزمات التي تعصف في البلد والصراع الحاصل في مواقعه الرئيسية، والذي إن استمر فقد يهدد كيان هذا البلد وقدرته على مواجهة التحديات”.
وختم: “إننا نتطلع لكي يكون يوم العيد مناسبة لإدخال السرور على قلوب من يحتاجون إلى مد يد العون إليهم من الفقراء والأيتام والمعوقين والمسنين والنازحين من أرضهم والجرحى وأهالي الشهداء، وإلى كل مهموم ومغموم، وأن تكون بقية أيام السنة خير على هذا الوطن وكل الأوطان، وأن يكون مستقبل أمرها خيراً من ماضيها”.
Related Posts