لمناسبة شهر رمضان المبارك يسرّ جريدة “سفير الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد، وذلك برعاية مطعم الأصيل في سيدني ـ أستراليا..
الجامع العمري الكبير في صيدا
يعتبر الجامع العمري الكبير في صيدا أحد أقدم مساجد محافظة الجنوب، حيث تشير المعلومات التاريخية الى أن كان معبدا وثنيا لعبادة الشمس، ثم حوله صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى جامع عندما فتحوا صيدا في العام 15 للهجرة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وقد أطلق عليه إسم الجامع العمري تيمنا باسمه.
في العام 1109 ميلادي دخل الصليبيون الى صيدا، وقام فرسان “الاسبيتارية” بتحويل الجامع الى حصن عسكري وأقاموا غرفا للطعام، وكنيسة صغيرة وإسطبلا للخيول، وزادوا على بنائه بعض الأقسام، الى أن إسترده المسلمون بعد تحرير صيدا من الافرنج الصليبيين على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي في العهد المملوكي عام 1291 م وأعادوه جامعا وأبقوا على تسميته “العمري”.
يتميز الجامع العمري الكبير بموقعه المطل على البحر، حيث يقع على تلة مرتفعة في الجهة الغربية للمدينة، وهو مبني من قطع ضخمة من الحجر الرملي حيث تزيد سماكة جدرانه على المتر، لذلك فهو بارد صيفاً دافئ شتاءً.
تُزيّن جدران الجامع وأروقته وداخل حرمه وعلى أبواب مداخله لوحات رخاميّة تؤرخ المراحل المختلفة التي أعيد فيها ترميم الجامع عبر حقب التاريخ أقدمها تلك التي تؤرّخ لانتصار المسلمين وتحرير مدينة صيدا من الصليبيين عام 1291م.
كما توجد لوحة موضوعة فوق المحراب الواقع على يمين المنبر الرخامي نقش عليها اسم الجلالة “الله”، ولوحة أخرى موضوعة فوق المحراب الواقع على يسار المنبر نقشت عليها الآية الكريمة “كلما دخل عليها زكريا المحراب”، وهناك لوحات عدّة تظهر تواريخ ترميم وتوسعات الجامع، سيما أنه تعرض أكثر من مرة لخراب خلال الحروب التي شهدها لبنان، وخاصة خلال الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 حيث قصفته الطائرات الحربية.