لمناسبة شهر رمضان المبارك يسرّ جريدة “سفير الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد، وذلك برعاية مطعم الأصيل في سيدني ـ أستراليا..
الجامع الكبير العالي في الميناء
يعتبر الجامع الكبير العالي من أبرز المعالم المملوكية الأساسية في الميناء، وهو يشكل آية في الفن المعماري، تقوم نوافذه على عقود مقرنصة تعلو الطريق العام والمحلات التجارية لذلك سمي بالعالي.
الجامع القائم في سوق الاسلام، وهو السوق الاقتصادي الأساسي في المدينة الساحلية، لا يُعرف تحديدا تاريخ بناءه ولا من قام ببنائه، لكن المعروف أنه في العهد العثماني قام والي طرابلس أبو بكر بن محمد آغا بتجديده وتوسعته وترميم الأقسام المملوكية منه وذلك في 1722 ميلادية، وقد ترك لوحة عليها اسمه وتاريخ التجديد مع الجملة الآتية: “هنيئا لمن بني وكان للخير سابقا وكبر مسجدا فنعم ما بنى وله ما أبقى”، ما يؤكد وجود بناء قديم أثري للجامع كما يلاحظ الاختلاف في هندسة البناء بالقناطر، ووجود قبلتين للصلاة بدل واحدة.
يتميز الجامع بقبوة كبيرة كانت تقوم فيها مجالس لقاءات شرائح مختلفة من أبناء الميناء، وما تزال الى الآن قبلة أنظار زوار المدينة الذين يحرصون على التبضع من المحلات التجارية التي تقع تحتها.
عام 1902 قام رئيس بلدية الميناء إبراهيم علم الدين عام ببناء درج خارجي للجامع من ناحية البحر، من الشارع العام، بعدما كان الدخول محصورًا إليه من داخل السوق القديم.
تعاقب على خدمة الجامع مشايخ من آل الملك، وتولى الامامة والخطابة مفتي طرابلس والشمال الشيخ منير الملك (1884ـ 1947، والذي كان مرجعا إسلاميا لأهالي الميناء)، وتولى من بعده أمين الفتوى الشيخ سراج الدين الملك (1936 ـ 1998) لتنتقل من بعدة خدمة الجامع الى نجله الشيخ سامي الملك الذي يتولى الامامة والخطابة فيه منذ أكثر من ثلاثة عقود.