نقاشٌ واسع شهدته الأيّام والأسابيع الماضية حول مصير الإنتخابات البلدية المقبلة التي قرّر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي إجراؤها بشكل مبدئي في منتصف شهر أيّار المقبل، وسط تساؤلات وشكوك حول احتمال إجراء هذه الإنتخابات من عدمه، من غير أن يستطيع مولوي حسم الأمر، مكتفياً بالقول أمام من قام بمراجعته أو سؤاله عن مصير الإنتخابات المحليّة بأنّه يقوم بواجبه.
ومع أنّ أصواتاً بدأت ترتفع في الآونة الأخيرة تطالب بإجراء الإنتخابات البلدية في موعدها، وعدم تأجيلها للمرة الثالثة بعد تأجيلين في العامين 2022 و2023، وتمديد ولاية المجالس البلدية لعام واحد في كلّ تمديد، فإنّ هذه الأصوات لم تملك أجوبة على أسئلة عدّة حول كيف يمكن تجاوز العقبات التي تعترض إجراء الإنتخابات البلدية في موعدها الدستوري، مكتفية بمواقف شعبوية أكثر منها سياسية وواقعية.
أبرز هذه العقبات يتمثل في تأمين الأموال اللازمة لإجراء الإنتخابات في ظلّ إفتقار الدولة وإدارتها العامّة إلى أدنى المقومات والمستلزمات الضرورية، ولو بالحدّ الأدنى، في ظلّ الأزمة المالية التي ضربت البلاد منذ نحو أربع سنوات ونيّف وأدّت إلى انهيار كبير في سعر صرف العملة الوطنية، كما برزت عقبة التأخير في إقرار قانون جديد للإنتخابات البلدية في ظل إعتراضات كثيرين على قانون الإنتخابات الحالي، إضافة إلى مصير بلدية بيروت في ضوء غياب أيّ جهة سياسية قادرة على حفظ المناصفة والتوازن الطائفي في بلدية العاصمة بعد ابتعاد الرئيس سعد الحريري عن المشهد السّياسي، مع مخاوف جديّة من إختلال كبير ستشهده بلدية بيروت في حال جرت الإنتخابات هذا الصيف، وصولاً إلى عقبة الإعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان والبقاع، منذ شهر تشرين الأوّل الماضي، ما يجعل إجراء الإنتخابات في بلديات هذه المناطق غير ممكن.
وسط هذا النقاش الذي لم يحسم مصير الإنتخابات البلدية برز يوم أمس موقف رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد، نقل بموجبه النقاش حول الإستحقاق البلدي إلى مكان آخر.
فخلال استقباله عدداً من رؤساء بلديات الضنّية إستفسروا منه عن مصير الإنتخابات البلدية المرتقبة، أوضح لهم أن “هناك في البلد رأيان: الأوّل يقول بإجراء الإنتخابات البلدية في موعدها المحدّد، على أن تستثنى منها البلديات الموجودة في المناطق التي تتعرض لاعتداءات إسرائيلية منذ أكثر من خمسة أشهر، في الجنوب والبقاع. أمّا الرأي الثاني فيقول بتأجيل الإنتخابات البلدية إلى حين استقرار الوضع الأمني في البلاد. لكنّ حسم أيّ رأي من بين هذين الرأيين لن يُحسم إلّا بقانون يجب إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب”.
ما سبق يقود إلى نتيجة واحدة هي أنّ أيّ مسار لمصير الإنتخابات البلدية، إستثناء أو تأجيلاً، لا يمكن فيه تجاوز المجلس النيابي الذي يمتلك تقرير مصير المسارين، وبأنّ الأيّام المقبلة، وتحديداً بعد عطلة عيدي الفطر والفصح، سوف تقرر أي مسار ستسلكه الإنتخابات البلدية، وأيّ مصير ينتظرها، حيث عندها ستكون كلمة الفصل.