نشرت منصة “بلينكس” الإماراتية تقريراً تحت عنوان “أغطية الصرف الصحي في لبنان.. تجارة” تقتل، وجاء فيه:
ضجة واسعة أثارتها قصة المواطن اللبناني موسى بزي (65 عاما) الذي عُثر عليه قبل أكثر من أسبوعين جثة داخل قناة مكشوفة للصرف الصحي بمنطقة الأوزاعي قرب بيروت.
بزي من ذوي الاحتياجات الخاصة، نزح من منزله في الجنوب جرّاء الحرب الدائرة بين “حزب الله” وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول الماضي.
داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحديداً في حي ماضي، كان يقيم بزي مع عائلته، لكنه في أواخر شهر كانون الثاني الماضي، اختفى تماماً فأعلنت قوى الأمن الداخلي اللبنانية عن فقدانه طالبة من أي مواطن يعرف عنه شيئاً إبلاغها فوراً.
وفاة بزي سلطتا الضوء على ظاهرة سرقة أغطية قنوات الصرف الصحي في لبنان، إذ تبين أن المواطن الستيني سقط داخل القناة بسبب عدم وجود غطاء يغلقها.
واليوم، أعلنت جمعية “اليازا” في بيان أن امرأة سقطت منذ يومين في ريغار مفتوح عند مستديرة الحايك في سن الفيل، وقد أثار ذلك قلقًا بالغًا حيال خطورة هذه الظاهرة التي تعرض سلامة الناس للخطر”.
وأشارت إلى أن “تكرار هذه الكوارث في مناطق مختلفة يسلط الضوء على التحديات التي تواجه السلامة المرورية في البلد، ففتحات مياه الصرف المكشوفة تمثل خطراً كبيراً يُهدد حياة المشاة وسائقي السيارات على حد سواء”.
ودعت “السلطات المعنية والمجتمع الأهلي، لاتخاذ المزيد من الخطوات العاجلة من أجل سد هذه الفتحات وتأمينها بشكل صحيح تفاديًا لوقوع المزيد من الضحايا”.
وذكرت الجمعية أنها قدمت “سابقاً اخباراً الى النيابة العامة التمييزية مطالبةً بمعاقبة السارقين الذين يقومون بسرقة غطاءات الصرف الصحي وأغطية قنوات المياه”، وأضافت: “السرقة العشوائية لهذه الأغطية ليست فقط عملاً غير قانوني، بل تعتبر أيضاً خطراً يهدد سلامة الناس وبخاصة المشاة والأطفال”.
وكررت “اليازا” مطالبتها “السلطات المختصة بتشديد الإجراءات القانونية ضد السارقين، وتفعيل الرقابة من اجل توفير بيئة آمنة للجميع على الطرقات”.
ظاهرة سرقة تغزو المناطق
مؤسس جمعية “اليازا” للسلامة المرورية في لبنان المحامي زياد عقل قال لبلينكس إن ظاهرة سرقة أغطية قنوات الصرف الصحي، تغزو مختلف المناطق اللبنانية وليست مختصرة على العاصمة بيروت.
عقل يوضح أن عدداً كبيراً من تلك القنوات كان مكشوفاً بسبب سرقة الأغطية الخاصة بها، موضحاً أن تلك القنوات المفتوحة تؤدي إلى حوادث مميتة ومآسي كتلك التي حصلت مع المواطن موسى بزي.
شوارع مفخخة
العديد من الطرقات الرئيسية مليئة بـ”القنوات المكشوفة” خصوصاً في العاصمة بيروت والأوتوسترادات الأساسية التي تربطها بالمناطق الأخرى.
المواطن يلاحظ تلك القنوات والثغرات أثناء المرور عليها، خصوصاً أنها تؤدي إلى حوادث سير أيضاً.
عام 2021، ذكر تقرير لصحيفة “الأخبار” اللبنانية أن 90% من الشوارع الرئيسية والأوتوسترادات العامة في بيروت باتت مفخخة بحفر لا أغطية لها.
محافظ بلدية بيروت القاضي مروان عبود، قدّر حينها عدد أغطية قنوات الصرف الصحي المعروفة بـ”الريغار” بـ”الآلاف”، في حين يقول عقل لبلينكس إن ظاهرة السرقة لم تتوقف، مشددا على ضرورة تكثيف الأجهزة المعنية أمنياً وبلدياً، لتحركاتها لمكافحة تلك الظاهرة.
أرباح مالية
“بلينكس” اتصلت بشخص وظفيته شراء حديد الخردة وسألته عن سعر غطاء حديديّ لقناة صرف صحي، فأشار إلى أن عملية الشراء تعتمد على الوزن، وقال “أحجام الأغطية تختلف، لكن إلى حد ما فإن الغطاء الذي يبلغ وزنه بين 40 و 60 كيلوغراماً يباع بنحو 100 دولار”.
المهندس البيئي والصناعي زياد أبي شاكر يقول لبلينكس إن حديد “الريغار” يسمى تقنياً بـ”الفونت – Fonte” كاشفاً أن مبيعه يصل إلى 100 دولار تقريباً.
يلفت أبي شاكر إلى أن هناك أكثر من 16 مكاناً أساسياً في لبنان لبيع الخردة، ويقول إن “الريغارات” تدر أرباحاً صافية كون تكلفة شراء حديد “الفونت” عالية، ويضيف “كذلك، يمكن تذويب هذا الحديد من أجل استخدامه في صناعات أخرى ويساهم هذا الأمر في در أرباح مالية”.
بدائل بلاستيكية
يلفت عقل إلى أن هناك مبادرات خاصة تم اعتمادها لإصلاح قنوات الصرف الصحي المكشوفة، وقال إن “اليازا” عالجت عدداً كبيراً من تلك “الريغارات”.
عقل أشار أيضاً إلى أنه باتت هناك قنوات بلاستيكية للصرف الصحي وتم استخدامها بدلاً من تلك الحديدية.
عن هذا الأمر، يقول المهندس أبي شاكر إن غطاء الريغار البلاستيك يأتي بسعر أقل من الحديدي وتصل تكلفته إلى 75 دولار، في حين أن حياته العملية تصل إلى 200 عاماً، كما أنه مضاد لـ”الاهتراء”.
بحسب أبي شاكر، فإن ذاك الغطاء في حال تم انتزاعه لا يمكن بيعه، والسبب أن البلاستيك المصنوع منه لا قيمة له في السوق، وفي الوقت نفسه يؤدي الغرض المطلوب والمناسب على الطرقات.