لمناسبة شهر رمضان المبارك يسرّ جريدة “سفير الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد وذلك برعاية مطعم الأصيل في سيدني – أستراليا..
جامع القرطاويّة
يعتبر جامع القرطاوية من أهم وأفخم المساجد في طرابلس ولبنان على الإطلاق، وهو كان أحد أكبر المدارس الدينية الملاصقة للجامع المنصوري الكبير من ناحية الشرق، وقد بناها الأمير “قَرَطاي” (726هـ/ 1326م) في العصر المملوكي.
تعتبر بوابة الجامع الشمالية لجهة سوق العطارين، من أفخم وأجمل بوابات العمارة المملوكية في لبنان ومصر والشام. أما واجهة جدارها الجنوبي فهي أغنى الجدران بالكتابات حيث نُقش عليها 8 مراسيم لسلاطين المماليك، وكتابات قرآنية وأسماء النبي محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والصحابة المبشّرين بالجنة، مع “رنك” (شعار) الأمير، والزخارف البديعة.
كانت مدرسة القرطاوية لدى تأسيسها واحدة من ست مدارس تشكل مجموعة كاملة تحيط بالجامع المنصوري الكبير، قبل أن تتحول الى جامع يرتبط بالجامع الكبير بواسطة الجدار الشرقي ويشتمل على فناء مركزي تغطيه قبة واسعة وتتوسطه بركة رخامية مستطيلة ونافورة مياه، يكتنفه إيوانين جانبيين عاليين مخصصين للدراسة، هذا بالإضافة إلى قاعة أخرى تستعمل كقاعة للصلاة، ويغطي المحراب وجدار القبلة والأرضية رخاما ملونا استعملت في زخرفته أحيانا تقنية الأبلق. وحظي هذا النوع من الزخرف المتأثر بالعمارة البيزنطية باهتمام كبير في سوريا على عهد الأيوبيين، أما باقي الأجزاء فقد سقفت كلها بأقبية، من خلال تصميمها وبنيتها الحجرية وزخارفها الرخامية.
ينتمي جامع القرطاوية إلى فن العمارة المملوكي بسوريا ويتجلى ذلك من خلال منظومة زخرفية مماثلة لأبنية أخرى بمدينة طرابلس كالجامع البرطاسي وجامع طينال.
على مدار سنوات طويلة كان جامع القرطاوية قبلة أنظار المؤمنين، حيث كان يستضيف قراء القرآن الكريم من مصر وسوريا، كما تقام فيه يوميا حلقات تلاوة القرآن، حتى إذا كان اليوم الأخير من رمضان إحتفل المؤمنون بختم القرآن العظيم بحلقة ذكر وإبتهالات بمشاركة المفتين والمشايخ والعلماء ووجهاء طرابلس وحشد كبير من أبناء المدينة والجوار.