لمناسبة شهر رمضان المبارك يسرّ جريدة “سفير الشمال” أن تقدم لقرائها نبذة عن المساجد الأثرية والتراثية في طرابلس ولبنان مع عرض لبعض الصور التي تبيّن جمالية هذه المساجد وأهمية عمارتها وهندستها، على أن تتم الاضاءة في كل يوم من أيام الشهر الكريم على أحد هذه المساجد، وذلك برعاية مطعم الأصيل في سيدني ـ أستراليا.
جامع البُرطاسي
يقع جامع البرطاسي على الضفة اليسرى لنهر أبو علي في محلة باب الحديد بطرابلس، ويُعتبر من أبرز وأجمل المساجد في المدينة، بناه الأمير عيسى بن عمر البرطاسي الكردي في العام 1310 ميلادي في عصر المماليك، ليكون مدرسة لطلبة العلم على المذهب الشافعي، لذلك فقد جمع بين المدرسة والجامع.
لجامع البرطاسي ثلاث قبب هي: القبة الوسطى التي تقوم فوق حوض الوضوء، وهناك قبة صغيرة فوق المحراب، والقبة الثالثة وهي الأصغر تقوم شرقي المئذنة، فيما يتميز بواجهة حجرية داكنة مزينه بالخطوط السوداء والزخارف البيضاء، وببوابة يعتبرها البعض أهم أثر تاريخي مملوكي، وهي مفتوحة على باحة واسعة.
يجمع البرطاسي في بنائه عدّة خصائص معمارية، فمئذنته أندلسية الطراز، تقوم فوق قوسٍ مجوّف نصف دائريّ بحيث جاء بناؤها الضخم إعجازاً يتحدّى نظرية الأثقال والفراغ. ويتميّز محرابه عن كل محاريب مساجد لبنان بالفُسَيْفساء المذهّبة والمُنمنمات التي تشكّل كأساً تخرج منها أغصان نباتية مُورِقة على غرار واجهة الجامع الأمويّ بدمشق.
أما من الداخل فيتميز جامع البرطاسي بحوض الوضوء، الذي يقوم في وسط الحرم ويعد أجمل أحواض مساجد طرابلس المملوكية بزخرفته وشكله الهندسي. وبمحرابه الذي يعتبر أيضا ً من أجمل محاريب المساجد المملوكية نظرا ً للزخارف ولوحات الفسيفساء التي تزينه. وبمنبره الخشبي المزخرف بتقاطيع هندسية جميلة، وبالجدار القبلي الذي تزينه خطوط هندسية متناسقة من الرخام الملوّن.