بعد جولته على الكتل النيابية لطرح مبادرته الرئاسية عليها والاستماع الى وجهة نظرها، يعود تكتل “الاعتدال الوطني” الى نقطة البداية التي إنطلق منها والمتمثلة برئيس مجلس النواب نبيه بري حيث يلتقيه بعد ظهر اليوم في عين التينة لوضعه في أجواء اللقاءات التي عقدها ومناقشة مضامينها والتي إما أن تفضي الى وقف المبادرة أو الاستمرار فيها والتحضير للقيام بجولة ثانية للبحث في آليات الحوار أو التشاور والتي على أساسها سيصار الى إستئناف الجلسات الانتخابية.
قد يكون مستبعدا أن يتجه تكتل الاعتدال الى وقف مبادرته، خصوصا أن الرئيس بري الذي دعم إنطلاقتها لم يتبدل موقفه وهو ما يزال على الثوابت والمسلمات التي أبلغها للتكتل في اللقاء الأول، وهي “إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وعدم المساس بصلاحيات رئيس المجلس، والذهاب نحو التلاقي سواء كان حوارا أو تشاورا أو نقاشا، للتوافق على إسم أو أكثر، وبعدها تعقد الجلسات الانتخابية لإختيار إسم من بين المرشحين، أو ربما تعقد جلسة واحدة تكون كفيلة بتصاعد الدخان الأبيض من قبة مجلس النواب”.
لكن ما يزعج الرئيس بري والاعتدال معا، هو الغبار الكثيف الذي أثير حول المبادرة، ومحاولة تحميلها أكثر مما تحتمل، لا سيما من قبل بعض المعارضين الذين كل منهم فهم المبادرة كما يشتهي أو عمل على إستغلالها في الاتجاه الذي يخدم مصالحه، فإشترط سحب أسماء والذهاب نحو خيارات أخرى، وحاسب على النوايا، ووجه الاتهامات بالتعطيل، وصادر مواقف بعض الكتل وتولى الحديث عنها.
كل ذلك، أدى الى زعزعة المبادرة التي كادت أن تسقط، لولا إصرار التكتل على إكمال ما بدأه، والتأكيد تلميحا أو تصريحا بأن اللقاءات التي عقدها لم تخض في التفاصيل ولا في الأسماء بل تركز النقاش على أهمية التشاور وإستعداد كل تكتل نيابي للمشاركة فيه لوضع الاستحقاق الرئاسي برمته على بساط البحث.
ويفترض اليوم أن يكشف اللقاء مع الرئيس بري كثيرا من الخفايا التي أحيطت بها اللقاءات التي عقدها الاعتدال مع الكتل النيابية، حيث من المتوقع أن يتحدث أحد نوابه وان يرد على الأسئلة الكثيرة التي سيطرحها الصحافيون، وخصوصا عما إذا كان الرئيس بري قد عمل على خنق المبادرة، أو إذا كانت كتلة الوفاء للمقاومة حاولت تفشيلها، كما صرح في بيانين منفصلين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، متخذا دور المنجمين في كشف المستور الذي تحدث عنه بري وكتلة الوفاء مع تكتل الاعتدال الوطني.
ولعل ما يرفع من أسهم إستمرار المبادرة هو الموقف الذي عبر عنه سفراء الخماسية إثر إجتماعهم في السفارة القطرية حيث أكدوا دعمهم المطلق لمبادرة الاعتدال، خصوصا أن مضمونها بحسب المعلومات لا يختلف كثيرا عن الأفكار التي تطرحها اللجنة الخماسية التي ربما وجدت في حراك التكتل خشبة خلاص مؤقتة بإنتظار المساعي الهادفة الى وضع حد للخلافات القائمة بين أعضائها سواء حول النفوذ أو في النظرة العامة للملف الرئاسي بين من يريد أن يجعله ضمن سلة كاملة في المنطقة وبين من يريد أن يفصله عن كل الأحداث الجارية.
يبدو واضحا، أن اللجنة الخماسية وفي ظل عدم قدرتها على تقديم أية حلول، تحاول التلطي خلف مبادرة الاعتدال وهي قد تتبناها في حال كُتب لها النجاح وتضغط بإتجاه ترجمتها، أو أن تتجاوزها في حال كان مصيرها الفشل وتستفيد من الوقت الذي إستغرقته لإعادة صياغة مبادرة جديدة بعدما وضعت السفيرة الأميركية حدا للمبادرة الفرنسية ولجولة جان إيف لودريان مؤكدة أنه لا يمثل الخماسية.
Related Posts