نظّمت كلّيّة الإعلام والتواصل في الجامعة الأنطونية في الحدت- بعبدا، وفي حضور وزير الإعلام زياد مكاري والنائبة الفرنسية أميليا لاكرافي، مؤتمرًا علميًّا حمل عنوان “التواصل، التعليم، والأخلاق في ظل الذكاء الاصطناعيّ”.
هذا المؤتمر الذي يهدف الى إبراز أهميّة العلاقة بين التعليم والتواصل على مستوى المجتمع، والتعمّق في المواضيع المتعلقة بالذكاء الاصطناعيّ، شارك فيه الى رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال سغبيني، عميدة الكليّة الدكتورة دلال مكرزل الى جانب اختصاصيين دوليين ومن لبنان في مجالات التعليم والتواصل.
وفي السياق أثنى وزير الإعلام زياد مكاري على خطوة الجامعة الأنطونية التي أتاحت الفرصة لمناقشة موضوع العصر، الذكاء الإصطناعي، وسأل: “هل تجريد الثقافة الإعلامية من إنسانيتها يؤدي الى تضييق قطاع الإعلام من حيث القوى العاملة البشرية والحد من فرص العمل للعاملين في هذا المجال؟ وماذا عن الإبداع التحريري والأسلوب الفردي والشخصية الإعلامية؟ ورأى “أن التحدي الأخطر يكمن في أخلاقيات المهنة”، سائلاً: “هل من ضوابط أخلاقية يراعيها الذكاء الإصطناعي؟ وهل من قيم يقف عندها وهو في طريقه الى التنامي والتطور والتسارع؟”.
أضاف وزير الإعلام: “لا تعني هذه التساؤلات مطلقاً أنّنا ضد الذكاء الإصطناعي، ولا اننا نشرّع له كل المهن ونفتح كل الأبواب من ضوابط أو حذر، المسألة كلها تبدأ عن طريق التكيّف معه، من دون أن نتركه يستبيح كل شيء ويحلّ محلّ العقل البشري والإبداع الفكري”.
وتابع وزير الإعلام بالإشارة الى ان إثنين لا يختلفان على ان الإعلام هو أحد المجالات التي غزاها الذكاء الإصطناعي غزواً وراح ينطلق فيها بلا حدود. والآن، وقد أحدثت صحافة الذكاء الإصطناعي ثورة في صناعة الإعلام، نرى أن القيود القانونية والحدود الجغرافية والأصول المهنية بدأت تمّحى وتزول، أو في أحسن الأحوال تختلط حتى الإلتباس والتعمية، حتى بات المتلقي او المتفاعل مع المواد الإعلامية هو الحكم، وهو من يقرر صلاحية أي مادة إعلامية من عدمها.
ورأى مكاري “ان ما بين chat gpt والميتافيرس والصناعة الروبوتيّة الهائلة الذكاء، لا بد للعقل الإعلامي أن يحافظ على دوره وإستقلاليته، فلا يذوب في صناعة آليّة لا تترك له هامش عقل وفكر وابداع”.
وقال: “إنّ الجيد في تقنيات الذكاء الإصطناعي هو التطور هائل السرعة الذي يقصّر على الإعلامي المسافات ويسهّل العمل ويطوّع كل ما كان صعباً حتى الأمس القريب. أمّا الأخطر فهو يكمن في جنوح هذه التقنيات إلى فبركة أخبار واختلاق ما ليس موجوداً، وكلّ ما يترتّب على ذلك من مساس في الرسالة الإعلامية واخلاقيات المهنة”.
رئيس الجامعة الأنطونية الأب ميشال سغبيني، أشار إلى أنّ الهدف اليوم تسليط الضوء على أهمية العلاقة بين التعليم والتواصل على مستوى المجتمع، وتعميق كل المواضيع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي الذي يطرح تساؤلات عدّة، فالذكاء الإصطناعي، على أهميّته، يطرح مخاطر كثيرة لها تأثير على الإنسان والمجتمع.
وتطرق الأب سغبيني الى تأثيرات التكنولوجيا الرقمية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، على مستوى التعليم والتدريب والتربية، وللمشكلات الأخلاقية التي يطرحها التفاعل مع الذكاء الاصطناعي على مستوى المواطن والوطن والهوية.
وقال الأب سغبيني: “من المهم جداً أن نتذكر أن القياس الحقيقي للتقدم هو كل ما يتعلق بالإنسان، ويجب فهم الذكاء الإصطناعي لأنّ استخدامه قد لا يكون بالضرورة مفيداً للتنمية البشرية الشاملة”.
أضاف: ” الذكاء بشكل عام، سواء كان اصطناعياً أو بشرياً، إذا لم يكن يعمل لصالح الإنسان، فإنه ليس ذكاء”.
ودعا الأب سغبيني الى ضرورة استخدام الذكاء الإصطناعي بطريقة مسؤولة واحترام القيم الإنسانية الأساسية، من هنا يأتي دور التعليم والتدريب، لأن التحدّيات التي سيطرحها كثيرة ومتنوّعة.
وختم مؤكداً أنّ “دور الجامعة الأنطونية سيكون في تعزيز التفكير النقدي، وتطوير قدرة التمييز لدى أساتذتها وطلابها في استخدام البيانات والمحتويات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، ومساعدتهم في استيعاب القيم الأخلاقية لاستخدام التكنولوجيا. والقيام بالتدريب ليس فقط على الذكاء الاصطناعي، إنما على الذكاء الروحي أيضاً لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي”.
بدورها، أكدت عميدة كلية الإعلام والتواصل الدكتورة دلال مكرزل أنه ستتم مناقشة موضوع ” الذكاء الاصطناعي” خلال هذا المؤتمر من جوانبه كافة، مع خبراء في مجالات الاتصال والأخلاق والتربية مع ChatGPT والذكاء الإبداعي، والمواطنة، وأمان السيبر.
كما وتحدّثت عن أهمية دور التعليم في التواصل ليس فقط على المستوى المدرسي ولكن أيضاً على المستوى الجامعي، من خلال مستويات عدّة.
وسألت: “هل مع عصر الذكاء الاصطناعي، نحن قادرون على إعادة النظر في مناهجنا وتكييفها مع تغييرات تحدث بسرعة هائلة؟”. ورأت أنه “من الضروري في هذه المراجعة أن نركز دائماً على المهارات الشخصيّة مثل التفكير النقدي وحل المشكلات بواسطة الإنسان ومن أجل الإنسان، ومن هنا تأتي ضرورة تعليم التعاطف والصمود”.
وقالت: “إن هذا الأمر يتطلّب تعليم المُعلّمين على المرونة، من دون إلغاء المبادئ الأساسية.”
ورأت “أنه يجب على الصحافي، والرسام، والمصور، ومنتج الفيلم، والمعلن استخدام معرفته لإنتاج خبر، أو وثائقي، أو إعلان يحترم أخلاقيات مهنته”.
وختمت مشيرة الى أنّ في زمن الذكاء الاصطناعي واستخدامه بأقصى مستوياته وانتشاره بيننا مع ظهور سمات جديدة يومياً تتراوح بين الصالح العام والشر العالمي، تكثر الشكوك حول ما هو صحيح وحامل للقيم العالمية للاختبار.
Related Posts