“الصدر.. سحر ما فوق الغياب”.. سيرة رجل استثنائي

“إن الوطن ليس تراباً يعيش عليه الإنسان، بل إن القضية الأساسية هي أن يشعر المواطن أنه في حمى الوطن”. موقف اطلقه الامام المغيّب السيد موسى الصدر في ١٥ آذار ١٩٧٤، هو الذي لطالما نادى بوحدة اللبنانيين واتحادهم لأجل بقاء لبنان.

كثيرون قد لا يعرفون إنجازات الامام المغيّب او حتى طريقة تفكيره وعمله، بيد ان من يقرأ كتاب “الصدر.. سحر ما فوق الغياب” للكاتبين شادي منصور وعبد الحليم حمود والصادر عن دار زمكان للنشر، يتسنى له الغوص في تفاصيل حياة الامام منذ الصغر وصولاً الى الرحلة المشؤومة والاختطاف في ليبيا في ٣١ آب ١٩٧٨.

فعلى امتداد ١٤ فصلاً، “العيون الزرقاء والصندوق الأسود، الصدر رئيس زمانه، في ملامحه الأولى، الجذور اللبنانية لـ”الإمام”، الرواية التي ترجمها ثم ضاعت، انفتاح الروح على الفنون، أفعال ثم أقوال، قبل الصدر: هزالة المسرح الشيعي التقليدي، حكايات مع السيّد، عن الإمامين الصدر والخميني، ما قبل الخطف وما بعده، عمليّة خطف “هنيبعل القذافي”، من أقواله، وحوارات مع الإمام”، سرد الكاتبان سيرة حياة رجل لا مثيل له، وعرّجا على محطات كثيرة في حياته كانت مغيّبة، مستعينان بالاهل والأصدقاء ورفاق الدرب. من قم الى لبنان وتحديداً مدينة صور التي كانت مقر اقامته ومنها انطلق الى كل المناطق، رجل دين وفكر ومصلح ومؤسس للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الى انشاء المعاهد الفنية وحركة المحرومين “أمل”.

ولا يتوقف الكتاب هنا، فيتطرق الى اسفاره ونتائجها، كما الى عمله مع جميع شرائح المجتمع اللبناني على اختلاف طوائفهم متسلحاً بمقولته الشهيرة “الأديان واحدة، لأن البدء الذي هو الله واحد، والهدف الذي هو الإنسان واحد، والمسير الذي هو هذا الكون واحد”.

غير ان ما يميز هذا الكتاب، إضافة الى القائه الضوء على الجانب العائلي للامام موسى الصدر، هو ما تضمنه من معلومات عن عملية الاختطاف والتحقيقات التي تلتها منذ اليوم الأول وصولا ًالى يومنا هذا. تفاصيل تروي الكثير وقد تكشف الكثير ايضاً عن سبب اخفاء رجل لطالما عمل على التوحيد لا التفرقة.

“الصدر.. سحر ما فوق الغياب” كتاب يروي سيرة رجل استثنائي لم يتمكن التغييب القسري من إطفاء وهج حضوره بل زاده ألقاً، وهذا ما حرص الكاتبان على اظهاره بطريقة تتلاءم مع حياة موسى الصدر الانسان والأب والاخ والصدق ورجل الدين والسياسة. يبقى ان نقول انه بعد ٤٥ عاماً ونيّف على التغييب وحده الامام موسى الصدر الحاضر الأقوى واضحت كلماته ومواقفه نبراساً لطريق يؤسس للبنان الجامع.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal