عقدت رابطة “كاريتاس لبنان” مؤتمرًا صحافيًا في مركزها الرئيس في سن الفيل، أطلقت خلاله حملة الصوم 2024 تحت شعار من “إيدك لباب السما”.
وحضر المؤتمر وزير الإعلام زياد مكاري، وراعي أبرشية أنطلياس المارونية المطران أنطوان أبو نجم المشرف العام على أعمال الرابطة، ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبدو أبو كسم، ونقيب المحررين جوزيف القصيفي، ورئيس مجلس إدارة تيلي لوميير جاك كلاسي، وممثلو المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية، بالإضافة إلى رئيس الرابطة الأب ميشال عبود الكرملي، محوطًا بأعضاء مجلس إدارة كاريتاس ومديري الأقسام وموظفين وشبيبة.
وكان الافتتاح بكلمة لمسؤولة جهاز الإعلام في الرابطة الإعلامية ماغي مخلوف، التي أكَّدت أن “الإعلام اللبناني واكب مسيرة كاريتاس منذ التأسيس مرورًا باليوبيلين الفضي والذهبي، فكان الصوتَ الذي نقلَ وجعَ الناس وهمومهم، والصورةَ التي واكبت عمل كاريتاس على الأرض، وحفِظَتْه في الذاكرة ، والقلم الذي حرّر بالوقائع والأرقام مسيرة مليئة بالتحديات والصعوبات، ليبقى الإنسان ولتبقى له الكرامة”.
المونسنيور أبو كسم: كاريتاس علامة رجاء
أما مدير المركز الكاثوليكي للإعلام المونسنيور عبدو أبو كسم فتناول دور كاريتاس وجهادها في ميدان المحبة والعطاء ومما قاله: “نطل اليوم من هيكل المحبة، من على مذبح كاريتاس، لنطلق كما في كل سنة حملة الصوم لجمع فلس الأرملة لنقدّم ذبيحة الرحمة، لنطعم جائعًا ونكسو عريانًا ونطبّب مريضًا، وفي كل سنة تشدّ الأزمة الخناق على كاريتاس، فيما رئيسها الأب ميشال عبّود وفريق عمله يجاهدون في الميدان لتبقى هذه المؤسّسة صامدة، مرفوعة الجبين، مفتوحة اليدين اللّتين تشكلان الجسر بين الأرض والسماء. إنها علامة رجاء في عالم يزداد فقرًا وجوعًا وحرمانًا.
المطران بو نجم: روحانية العطاء
بدوره، تحدث المشرف العام على أعمال رابطة كاريتاس لبنان المطران أنطوان بو نجم، فقال: “موضوع حملة رابطة كاريتاس لهذه السنة هو من إيدك لباب السما. عادة نقول “من تمّك لباب السما” بمعنى أن نترجّى ونطلب أن يسمع الرب صلاتنا ويقبل أن يحقق لنا طلبنا. أمّا أن نقول “من إيدك لباب السما” فلأننا نؤمن أن ما نعطيه من خلال أيدينا يقبله الله مثل الصلاة. كل أعمال المحبة هي صلاة. بصلاتنا كل مساء في مزمور 141 نقول: لتقم صلاتي كالبخور أمامك ورفع يديّ كتقدمة المساء: يداي المليئتان خدمة ومحبة ومجانية هما اللتان أرفعهما كل مساء للرب وهو يقبل. لا نستطيع أن نفصل الشركة الروحيّة عن الشركة الماديّة، ويسوع سيؤكد هذه الحقيقة ويطوّرها: كل شيء تعملونه وتعطونه لإخوتي الصغار فلي تعملونه الصلاة والعمل”.
أردف: “نريد أن نعيش هذه السنة مع كاريتاس وبعمق روحانيّة العطاء. عندما تُعطي مَن هو بحاجة تقترب أكثر من باب السما، ومن الله الساكن في السماء. فمن إيدينا لباب السما لتستمر كاريتاس برسالتها، رسالتها الانجيليّة، رسالة المحبّة، رسالة العطاء، رسالة الفرح والسلام والأخوّة”.
الوزير المكاري: سعادتكم لا توصف
بعد ذلك تحدّث وزير الإعلام زياد المكاري، فقال: “… يُشجّع الكتاب المقدّس على العطاء طوعاً، ويظهِر أنّ العطاء يُفيد الذي أعطى والذي تلقّى معًا. قال يسوع: السعادة في العطاء أكثر منها في الأخذ، وأنا على يقين أنّ سعادتكم لا توصف ولا تُعبّر عنها كلمات. تُعطونَ بفرح والله يُحبّ المُعطي المسرور. تلعبون في “كاريتاس” دورًا استثنائيًا في هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي يعاني منها الشعب اللبناني. تُفيد الدراسات أنّ أكثر من نصف اللبنانيين باتوا تحتَ خطِّ الفقر، ويتعذَّر على عائلات كثيرة تغطية نفقاتها من خلال دخلها. توسّعت رقعة الفقر بسبب النزوح السوري المفروض علينا منذ العام 2011، وقد رقّته الأمم في السنوات الأخيرة إلى رتبة اجتياح”.
وتابع: “يُقيم السوريون في أرضنا رغمًا عنّا، وأبناؤنا يقتلعون من أرضهِم بفعلِ هذا النزوح ـ الاجتياح. مليونا نازح سوري يأكلون من هويّتنا ومن جغرافيّتنا ومن اقتصادنا وأمننا وبيئتنا، والفاتورة باهظة آنيًا ومستقبليًا، فيما “نحتفل” نحن منذ عام ونصف بجمهوريّة الرأس المقطوع. يؤسفني أن أقول بأنّ أتباع مارون الذين احتفلوا قبل أيام بعيده، لا يحافظون على الأمانة. الأرزة التي تجذّرت في هذه الأرض المقدّسة منذ مئات السنين، تقتلع جذورها بيدِها، ونكاد نصبح هنوداً حمراً، ومع ذلك هناك من لديه ترف التلهّي بجنس الرئيس. بقاء المسيحيين في هذه الأرض اقترن بلحظاتِ ألمٍ وكفاح، وقد حوّل أسلافنا الجبال القاحلة إلى حياة عندما سكنوها، ونحن الذين ندّعي حبّ الحياة، لا نعي ماذا نفعل بأنفسنا. مرّة نشنّ حروبًا ساخنة على بعضنا بالنارِ والبارود، وعندما تتعذّر الحروب الساخنة نشنّ حروبًا باردة بمدافع كلامية وحرتقات سياسيّة”.
وختم: “لم يسعَ أسلافنا إلى المناصب، ونحن شهيتنا على السلطة لا حدودَ لها. وللتذكير، الكنيسة المارونية تأسّست على اسم راهبٍ ناسك، لا على اسم محبّ وطالب للسلطة”.
الأب ميشال عبود: عبور السماء يكون في الفقير
وكانت كلمة الختام لرئيس رابطة كاريتاس الأب ميشال عبود الذي قال: “من بنى الحضارات، وقاد التطور، وبالعلمِ وصل إلى المجرات وعاد، واكتشف ما تحت المياه وما فوق الجبال، هذا الإنسان، كائن البعد الذي فعل كل ذلك، أيُعقل أن تنتهي حياتُه كمشة تراب في القبور؟”.
وأصاف:” ولدت كاريتاس من رحم الكنيسة، تعمل من دون كلل منذ نشأتها في لبنان منذ خمسين سنة، وتشارك بما لديها مع أبنائها، لذلك تطلق في كل سنة، حملتها السنوية، حملة المشاركة. لسنا وحدنا من يعطي، ولسنا وحدنا من يأتينا فقراء، وإنما نعلَم ونُعلم أن العدد الكبير من الفقراء اللبنانيين يأتون إلينا، المحتاجون يقرعون أبوابنا، فنجاوبهم بالعطاء في كل الأقاليم والأقسام والبرامج”.
وتابع: “لا نقبل إلاَّ أن نعطي كل ما وصَلَنا. فلا لتكديس الأموال والمواد، ولا للخوف من المستقبل، فمّن اهتمَّ بنا على مدار السنوات الماضية، هو يعيلنا في الوقت الحاضر. فما وصل الآن، هو للفقير اليوم، والغد نتركه تحت عناية الرب. عدد الذين يطرقون بابنا، وخصوصًا الفقراء الجدد، فاق توقعاتنا وقدراتنا، فما وصل الينا لم يعد كافيًا. لذلك أردنا أن نرفع الصوت عالياً وندقّ باب كل قلب معطاء. هناك من يريد أن يُعطي ولا يعرف أين هم الفقراء الحقيقيون، نقول له أن اسماءَهم في ملفاتنا، وأصواتَهم في آذاننا”.
وقال: “إلينا تأتي الأم الثكلى والأرملة لتطلب لأولادها الأيتام، الذي غادرهم أبوهم وهو كان يعمل كعامل يومي، لا معاش له ليتركه لهم. إلينا يأتي الآباء المنهكون في نهاية النهار بعد عمل شاق براتبٍ زهيد لم يعد يكفي لعائلاتهم إلا لأيام، فيقفون منحني الرؤوس، والدمعة في عيونهم مرددين الكلمات نفسها: هذا ما فعلته بنا هذه الأيام. إلينا يأتي من يستنجد ليخلّص أمه أو أباه أو ابنه أو ابنته أو أي أحد من أفراد عائلته من خطر الموت وهم على أبواب المستشفيات، عاجزاً عن دفع تكاليف الاستشفاء”.
وأكمل: “نقف أمام هذا الواقع، أحيانًا لا نقدر أن نسدد كل شيء وإنما نسدد قسطًا من الشيء، بما نقدر عليه. أمامنا وأمام مراكزنا الطبية، يتجمَّعون بالعشرات، بل بالمئات، ينتظرون حبة الدواء، ومعاينة الطبيب، وكل علاج عاجزون أن يجدوه في مكان آخر، فيأتون إلينا ونحن نفعل ما نقدر لكي نسدد حاجاتهم. كم من المرضى توقفت حياتهم وغادروا الأرض قسراً، لأنهم لم يتمكنوا من متابعة علاجهم؟ كم من التلاميذ وخصوصًا الجامعيين توقفوا عن الدراسة لأنهم لم يعُد بمقدورهم دفع المتوجب عليهم؟ في المراكز التربوية لذوي الاحتياجات الخاصة، يقصدنا تلاميذ قست عليهم الطبيعة فأعاقت نموهم الفكري، حيث يجدون فريقاً متخصصًا، يحضنهم ويساعد عائلاتهم للاندماج في المجتمع، ليكونوا فاعلين كغيرهم.. لم تكن كاريتاس لتستطيع أن تَفعَل ما فعلته وتفعله ما لم تجد قلوبًا تنبض بالكرم والعطاء”.
وتابع: “هنا نقف متعجبين مذهولين أمام كرم اللبنانيين من داخل لبنان وخارجه. ونشدد، خارج الوطن في بلاد الاغتراب، مِن مَن تركوا لبنان، ولكن لبنان لم يتركهم بل سكن قلوبهم. لا نخجل بأن نطلب ونرفع الصوت عالياً لنطلب دعمكم في كل الوسائل: ستكون شبيبتنا ومتطوعونا على الطرقات والساحات، يتسببون لربما بعجقة سير، إنما هي عجقة المحبة والعطاء”.
وأضاف: “سنتوجه اليكم بوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فيكون تبرعكم عن بُعد بواسطة موقعنا www.caritas.org.lb أو عبر الـOMT والBOB finance، أو بحضوركم الشخصي إلى مراكز كاريتاس”.
وفي ختام كلمته شكر المطران أنطوان بو نجم المشرف على الرابطة على كلمته، وكل المشاركين، كما شكر كل وسائل الإعلام والإعلاميين لنقلهم وقائع هذا المؤتمر.
وكان تخلل المؤتمر إطلاق فيديو حول عنوان الحملة من إعداد وتنفيذ قسم التواصل والإعلام في رابطة كاريتاس لبنان.
Related Posts