أحيت لجنة راعوية الصحة في أبرشية البترون المارونية واللجنة الصحية الاجتماعية في قطاع التلاقي والحوار، وبرعاية راعي الابرشية المطران منير خيرالله، اليوم العالمي للمريض تحت عنوان “حدك لآخر نفس”، حيث أقيم لقاء في قاعة رعية مار ضومط في جران في حضور لفيف من الكهنة ورؤساء الاديار والراهبات وأعضاء اللجنتين المنظمتين وحشد من الأهالي في رعايا قطاع التلاقي والرعايا المجاورة.
وترأس خيرالله قداسا على نية شفاء المرضى والجسمين الطبي والتمريضي وكل من يهتم بالمرضى والمسنين، عاونه نائبه العام المونسنيور بيار طانيوس ورئيس لجنة راعوية الصحة الخوري شربل فغالي، بمشاركة الكهنة.
وألقى خيرالله عظة بعنوان “لا يحسن أن يكون الإنسان وحده”، قال فيها: “بدعوة من لجنة راعوية الصحة في الأبرشية ورئيسها الخوري شربل نسيب الفغالي، واللجنة الصحية الاجتماعية في قطاع التلاقي والحوار، نحتفل باليوم العالي الثاني والثلاثين للمريض الذي أرادته الكنيسة وأراده قداسة البابا فرنسيس مناسبة لنوجّه انتباهنا واهتمامنا إلى المرضى والمتألمين وإلى الذين يخدمونهم بمحبة. ونحن هنا في رعية جران، جارة القديسين وجارة القديسة رفقا التي تقدّست بحملها الصليب مع يسوع وبنشرها راعوية الألم بفرح ورجاء وأعلنتها الكنيسة شفيعة المتألمين”.
أضاف: “اتخذ قداسة البابا فرنسيس شعار اليوم العالمي للمريض لهذه السنة من الكتاب المقدس في سفر التكوين: «لا يحسن أن يكون الإنسان وحده » (تكوين 2/18). ويشرح قداسة البابا هذا الشعار قائلاً: الله، الذي هو محبة، خلق الإنسان منذ البدء على صورته كمثاله ليكون في شركة واتحاد مع غيره. وقال لا يحسن أن يكون الإنسان وحده. خُلقنا إذًا لنكون معًا، لا لوحدنا. هكذا فإن حياتنا، التي صاغها الله على صورة الثالوث الأقدس، مدعوة إلى أن تحقق نفسها كاملة في ديناميكية العلاقات والصداقة والحب المتبادل”.
وتابع: “إننا نلاحظ في مجتمعاتنا اليوم، وحتى في البلدان المتطورة التي تنعم بالسلام والوفرة، أن وقت الشيخوخة والمرض محاط بالعزلة، وأحيانًا بالتخلّي؛ وهذا ناتج عن ثقافة الفردية. الأنانية التي تهتّم بالربح الشخصي والمكسب والانتاج أكثر منه بالإنسان. أما في مجتمعنا اللبناني فنلاحظ، في الظروف الكارثية التي تمرّ علينا وفي غياب الدولة ومؤسساتها التي من واجبها أن تضمن الحق الأساسي لكل إنسان في الصحة والحصول على علاج وفي تأمين شيخوخة هانئة، أن المرضى والمسنّين يعانون العزلة والتخلّي، ما يجعلهم يفقدون فرح الحياة ويصبح همُّ الغد كابوسًا يوميًا عليهم وعلى عائلاتهم. لذلك اختارت لجنة راعوية الصحة في أبرشيتنا شعارها لهذه السنة «حدَّك لآخر نَفَس» لكي تلتزم مع جميع العاملين في القطاع الصحي – أطباء وممرضين وممرضات ومتطوعين – ومع العائلات، بعيش القرب من المرضى والمسنّين، وبخاصة الذين يحتاجون إلى محبة وعناية، وخدمتهم حتى آخر لحظة من حياتهم. وقد وضعت نصب عينيها تعليم الرب يسوع الذي طبّق على نفسه مثل السامري الصالح (لوقا 10/25-37)، وتعليم الكنيسة وقداسة البابا فرنسيس الذي يدعونا جميعًا إلى أن ننظر إلى أيقونة السامري الصالح وإلى قدرته على أن يتوقف أمام إنسان متألم مشرف على الموت ويكون قريبًا منه، وإلى الحنان الذي به خفّف جراحه. وذلك لأننا خُلقنا من أجل المحبة ودعينا إلى الشركة والوحدة وإلى الأخوّة. وكل مسيحي يريد أن يكون تلميذًا ليسوع، عليه أن يكون مثله سامريًا صالحًا، لا عابر سبيل وغيرَ مبالٍ، وأن يتصرّف مثله مع كل إنسان يحتاج إلى رحمة ومحبة”.
وقال: “يقترح علينا قداسة البابا أن نتبنّى موقفًا نموذجيًا ومنهجية متدرّجة تساعدنا على التشبّه بيسوع وبالسامري الصالح؛ أي: أن نأخذ الوقت لنتوقّف، وننظر إلى وجه الأخ المريض والمتألم والمسنّ، ونصغي إليه، ونبني معه علاقة مباشرة وشخصية، ونتعاطف معه، ونشاركه محنته، ونخدمه ونعتني به في المحبة بما أعطانا الله من وسائل. وأن نرى في وجهه وجه المسيح المتألم. إنها منهجية الرعاية الصحية ورعاية المحبة. لأن العلاج الأول والأهمّ لأي مريض من داء جسدي أو نفسي هو القربُ منه المليء بالرأفة والحنان ودعوتُه إلى الثبات في الإيمان والرجاء. هكذا كان يتصرّف يسوع مع جميع الذين كانوا يقصدونه لطلب الشفاء. فكان يقول لكل واحد أو واحدة منهم: إيمانُكَ خلّصكَ، إيمانكِ خلّصكِ. وهكذا تتصرف الكنيسة في رعايتها للمرضى والمسنّين. لأن الكنيسة هي أمّ وتسهر على أولادها، كما تسهر العذراء مريم عليهم، وتدعو جميع الذين يخدمون باسمها في الرعاية الصحية – من كهنة ورهبان وراهبات وأطبّاء وممرّضين وممرّضات ومتطوعين – إلى أن يعيشوا القرب مع مرضاهم ويتعاونوا مع العائلات على العناية بهم ومحبتهم لآخر نَفَس. فلنعملْ معًا على تحويل جماعاتنا الرعائية والرهبانية والأبرشية إلى جماعات ترافق وتعطف وتحبّ وترحم وتخدم وتلتزم بالقرب لآخر نفس”.
وختم: “نصلّي في هذا القداس من أجل مرضانا والمسنّين في عائلاتنا، ونشكر الله على الخدمة التي يؤدّيها أعضاء لجنة راعوية الصحة في أبرشيتنا وجميع العاملين الصحّيين. إنهم في الحقيقة سامريون صالحون اختاروا النظر إلى تلك الوجوه التي تعاني الألم والعزلة والتخلّي، وتعرّفوا إليها على أنها وجه المسيح المتجلّي فيهم، وأحبوها وبنوا معها علاقة محبة وأكدّوا قربهم منها. ونطلب من الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة المتألمين وشفاء المرضى، والقديسة رفقا وجميع قديسينا، أن يليّن قلوبنا فنرى في وجه كل مريض ومتألم وجهَ المسيح ونقبل معه الألم مشاركةً بآلام المسيح على رجاء القيامة. آمين”.
بعد القداس أقيمت محاضرة من وحي المناسبة تحدث فيها كل من الدكتورة مهى نعمه الديك عن كيفية مرافقة المسنين والدكتور مرسال مسعود عن موضوع وقع تلقي خبر المرض على المريض وأهله. ثم قدم طوني ولوريا فياض شهادة حياة في مواجهة المرض برجاء وايمان كبيرين.
Related Posts